العراقي ، فإنّه من الواضح الفرق بين مسائل الإطلاق والمفهوم والعموم عن مسألة مدلول كلمة (الصعيد) مثلا.
فالإطلاق وإن كان بحثا عن موضوع الحكم ومتعلقه ، كما أن كلمة (الصعيد) موضوع للحكم ، غير أنه ليس بحثا عن ذات الموضوع في نفسه ، وإنما بحث عن الموضوع بما هو موضوع للحكم ، أي بحث عن علاقة الحكم بموضوعة ، وكيفية تعلقه به ، فهو بحث عن خصوصية في الحكم ، ولذلك لا يتصور الإطلاق من دون افتراض تعلق الحكم بالموضوع. وأما البحث عن مدلول كلمة (الصعيد) ، وأنه لمطلق وجه الأرض أم لا ، فليس بحثا عن الموضوع بما هو موضوع ، وإنما هو بحث عن ذات الموضوع في نفسه كما هو واضح.
وكذلك الحال في المفهوم ، فإنه أيضا بحث عن كيفية تعلق الحكم ، وأنه بنحو ينتفي عند الانتفاء ، فهو بحث عن العلاقة بين الحكم وما تعلق به ، وليس بحثا عن مدلول مستقل في نفسه لا علاقة له بالحكم.
وبهذا البيان ظهر أيضا وجه خروج بحث المشتق عن مسائل الأصول ، فإنه ليس مسألة أصولية ، إذ لا يبحث فيه إلّا عن مدلول ذات الموضوع المشتق في نفسه ، لا عن كيفية تعلق الحكم به.
وأمّا العموم وأدواته التي يبحث عنها في علم الأصول كالبحث عن مدلول كلمة (كل) ، فهو أيضا بحث عن كيفية تعلق الحكم بموضوعه ، بناء على أن هذه الأدوات موضوعة للدلالة على استيعاب الحكم تمام أفراد مدخولها ، فإنه بحث في علاقة الحكم بموضوعه ، وليس بحثا عن ذات الموضوع (١).
__________________
(١) إنّما قيدنا بهذا المبنى ، لأنه بناء على المبنى الصحيح ، والذي يختاره المحقق العراقي نفسه أيضا ، من أن أدوات العموم موضوعة للدلالة على تجمع الأفراد تحت العنوان المفروض في نفسه ، ولهذا نتعقّل العموم في قولنا ـ كل رجل ـ من دون حكم أيضا ، لأنه بناء على ذلك لا ينطبق الميزان الذي أفاده في تعريف علم الأصول على بحث العموم ، لأنّه بحث عن ذات الموضوع لا الموضوع بما هو موضوع ، كي يكون راجعا إلى البحث عن علاقة الحكم بموضوعه ، ولذلك يعقل هذا البحث في ـ كل رجل ـ دون احتياج إلى افتراض حكم عليه ، أو تعلق حكم به. (المؤلف).