فهنا جهة الاشتراك بين القياسين هي قاعدة الشكل الأول وجهة الاختلاف هي المواد المؤلف منها القياس الأول والثاني.
فإنّ المواد مختلفة ، لأنّ مواد القياس الأول هي ـ الحديد معدن ، ومواد القياس الثاني هي ـ عدد سبعة لا ينقسم إلّا على نفسه ـ.
فالحاصل : إنّ هناك قواعد مشتركة بين جميع الاستدلالات العلمية ، لأنها مأخوذة (لا بشرط) من حيث المادة ، وهناك قواعد يتميز بها كل علم عن الآخر ، لأنها مأخوذة (بشرط شيء) من حيث المادة.
وعلم المنطق وظيفته بيان تلك القواعد المشتركة المأخوذة (لا بشرط) من حيث المادة ، هذه هي نسبة علم المنطق إلى سائر العلوم ، ونفس هذه النسبة موجودة في علم الأصول بالنسبة إلى علم الفقه.
وبيان ذلك : إن الاستدلال الفقهي في أي باب كان ، فيه جهتان :
أ ـ إحداهما : قواعد مشتركة أخذت (لا بشرط) من حيث المادة.
ب ـ والثانية : قواعد أخذت (بشرط شيء) من حيث المادة.
فمثلا : حجية خبر الواحد من مقدمات الاستنباط ورواية زرارة الدالة على وجوب السورة مثلا ، هي أيضا من مقدمات الاستنباط ، إلّا أنّ حجية خبر الواحد من القواعد المشتركة في الاستدلال ، لأنها مأخوذة (لا بشرط) من حيث المادة ، لأنه يمكن أن يثبت بحجية خبر الواحد كثير من الأحكام غير وجوب السورة ، ففي كل مادة من فعل المكلّف يمكن أن يثبت الحكم فيها بحجية خبر الواحد.
وهذا بخلاف رواية زرارة المتضمنة لوجوب السورة ، فلا يثبت بها إلّا وجوب السورة ، ولا يثبت بها حكم الصوم مثلا.
فرواية زرارة من المقدمات المادية في الاستدلال الفقهي المأخوذة (بشرط شيء) ، وبها يتميز علم الحديث عن غيره من سائر العلوم بخلاف حجية خبر