الحقيقية التي هي ميزان العرض الذاتي محفوظة.
الدعوى الثانية : وهي إنّ العرض الذي يعرض للموضوع بواسطة أمر مساوي ، هو عرض ذاتي سواء أكان المساوي داخليا كالفصل ، أو خارجيا.
هذا المطلب أيضا منطبق على التفسير الذي ذكرناه وبرهان الانطباق هو : إنّ هذا العرض إذا فرضنا أنه يعرض على الموضوع بواسطة أمر مساوي ، حينئذ ننقل الكلام إلى تلك الواسطة المساوية ، فنقول : تلك الواسطة المساوية هل تعرض على الموضوع بواسطة أمر أعم ، أو بواسطة أمر أخص ، أو مساوي ، أو بلا واسطة؟.
إما أنها تعرض على الموضوع بواسطة أمر أخص فهو خلف كونها مساوية ولكانت أخص حينئذ ، لأن ما يعرض بواسطة الأخص هو أخص.
وإما أنها تعرض على الموضوع بواسطة أمر أعم فهو خلف أيضا ، ولكانت أعم لأن ما يعرض بواسطة الأعم هو أعم. إذن فلا يبقى إلّا شقّان :
أ ـ أن تكون الواسطة تعرض على الموضوع بلا واسطة أصلا.
ب ـ أو تعرض على الموضوع بواسطة أمر مساوي أيضا.
فإن كانت تعرض على الموضوع بلا واسطة أصلا ، فهذا معناه أن الموضوع يستتبع الواسطة بذاته ، ويستتبع ما يعرض بواسطتها بتبعيتها ، فيصير الموضوع علة الواسطة ، وعلة لما يعرض بهذه الواسطة ، وبهذا تحفظ المنشئية الحقيقية.
وإن فرض أن الواسطة تعرض على الموضوع بواسطة مساوية ، نقلنا الكلام إلى واسطة الواسطة المساوية أيضا ، ونكرر فيها نفس البرهان إلى أن ننتهي أخيرا ، منعا للتسلسل ، إلى واسطة مساوية تعرض على الموضوع بلا واسطة ، وبهذا يترتب تسلسل المحمولات كلها.
وينتهي في منشئيته إلى الموضوع نفسه ، فيصير الموضوع منشأ لتمام هذه الوسائط الطولية المترتبة ، وهذا هو معنى الذاتية.