وأما العرض الذي يعرض بواسطة أمر أخص فهذا فيه تفصيل ، فإن كان هذا الأخص من قبيل الفصول مع الأجناس ، فالعرض ذاتي ، وفي غيره ليس عرضا ذاتيا كما أشرنا إلى استثناء هذه الصورة في عروض الفصول على الأجناس من قبيل عروض الناطقية على الحيوان بواسطة أمر أخص وهو بعض الحيوان ، لكن لما كان هذا الأمر الأخص لا يزيد بشيء على الأعم الذي هو الجنس ـ الحيوان ـ في مثل ذلك فقط يكون العرض هذا عرضا ذاتيا أيضا ، وإن عرض بواسطة أمر أخص. ومن هنا كانت الفصول أعراضا ذاتية لأجناسها ، وأعراض هذه الفصول أيضا هي أعراض ذاتية لها ، وبالتبع أعراض ذاتية لأجناسها أيضا.
وبعد ذلك يقع الكلام في الإشكال الثاني والثالث وبحسب الحقيقة : فإنّ نكات المطلب وإن كان دفع بها الإشكال الثاني والثالث إلّا أننا مع هذا سوف نذكر الإشكال الثاني إن شاء الله تعالى ، وهو : هل يجب أن يبحث عن العوارض الذاتية للموضوع ، أو لا يجب؟.
الإشكال الثاني : هل يجب أن يبحث عن العرض الذاتي للموضوع أو لا يجب؟.
الجواب على هذا الإشكال وإن صار واضحا مما تقدم بناء على ما بيّناه من أن الميزان في العرض الذاتي هو الذاتية في المنشئية ، لا الذاتية في المحلية ـ يعني كون الموضوع علة ومنشأ بذاته لذلك العرض بعد أن وضحنا ذلك وطبقناه على الأقسام السبعة المعروفة ، واتضح أيضا بالبرهان أن العرض الذي يعرض للموضوع بلا واسطة ، أو بواسطة أمر مساوي ، يكون عرضا ذاتيا ، وأمّا ما يعرض بواسطة أمر أعم يكون عرضا غريبا وأن ما يعرض بواسطة أمر أخص ، يكون عرضا غريبا أيضا ، إلّا ما استثني من ذلك ، وهو عروض الفصل على الجنس ، وعروض عوارض الفصل والنوع بالنسبة إلى الجنس ، فإنها عوارض ذاتية ، وإن كانت بواسطة أمر أخص ، وكل ذلك تقدمت نكاته.
كما أننا بيّنا أن المنشئية التي هي ميزان العرض الذاتي قد تكون بلحاظ كون الموضوع علة فاعلية للعرض ، وقد تكون باعتبار كون الموضوع علة مادية