البيداء قال أبو جهل : إن ناقتي قد كلت فاحملني معك ، فنزل ليوطئ لنفسه وله فأخذاها وشداه وثاقا وجلده كل واحد منهما مائة جلدة ، وذهبا به إلى أمه فقالت : لا يزال في عذاب حتى يرجع عن دين محمد ، فنزلت.
وثمرة ذلك :
وجوب بر الوالدين ؛ لأن الوصية هي الأمر المؤكد ، والمعنى :
ووصيناه بإيتاء والديه حسنا ، وفي بر الوالدين من الأدلة والترغيب والحث ما لا يحصى ، وقد أفرد الحاكم في السفينة لذلك بابا ، وقد عد العلماء ـ رضي الله عنهم ـ عقوق الوالدين من الكبائر.
لكن هنا فروع خفية :
أحدها : هل يحتاج إلى استئذانهما في الحج والجهاد وطلب العلم أم لا؟ ظاهر المذهب أنه لا يستأذنهما ، وفي الخبر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» : وهذا قد ذكره أبو جعفر ، والمنصور بالله ، وقال : إن أبا بكر خرج للجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وترك أباه شيخا كبيرا أعمى.
وقال الشافعي ، والأمير الحسين ، والإمام يحيى : إنه يستأذنهما لأخبار وردت :
منها : ما رواه في سنن أبي داود بالإسناد إلى عبد الله بن عمر قال : جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان ، فقال : «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» وجاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله أجاهد؟ فقال : «ألك أبوان»؟ قال : نعم ، قال : «ففيهما فجاهد».
وفي السنن أيضا عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من اليمن فقال : «هل لك أحد باليمن». قال : أبواي ، قال : «أذنا