قوله تعالى
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت : ٨]
النزول
روي أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص الزهري حين أسلم ، قالت له أمه وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس يا سعد بلغني أنك قد صبأت ، فو الله لا يظلني سقف بيت ، وإن الطعام والشراب حرام عليّ حتى تكفر بمحمد ، وكان أحب ولدها إليها ، فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك فجاء سعد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشكا عليه فنزلت هذه الآية ، والتي في لقمان والتي في الأحقاف ، وأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يداريها ، ويترضّاها بالإحسان ، ولا يطعها فيما سألته من الكفر.
وقيل : إنّها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب ، فجاء أخواه لأمه وهما أبو جهل بن هشام ، والحارث بن هشام وقالا له : إن من دين محمد صلة الرحم ، وبر الوالدين ، وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ، ولا تأوي بيتا ، وهي أشد حبا لك منا ، فاخرج معنا وفتلا منه في الذروة والغارب (١) فاستشار عمر فقال : هما يخدعانك ولك عليّ أن أقسم مالي بيني وبينك ، فما زالا منه حتى أطاعهما وعصى عمر ، فقال عمر : أما إذا عصيتني فخذ ناقتي فليس في الدنيا بعير يلحقها ، فإن رأيت منهما ريب فارجع ، فلما انتهوا إلى
__________________
(١) الذروة أعلى السنام والغارب مقدمه. وهذا مثل يضرب لمن يعمل الحيلة في الوصول وهو كناية عن المكر والخديعة وأصله أن من أراد أن يؤم البعير النافر وضع يده عليه وأمرها على سنامه وفتل وبره حتى يلين فيزمه تمت.