ثم قال تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [العنكبوت : ٣]
والمعنى : أن أتباع الأنبياء قد أصابهم من الفتن والمحن نحو ما أصابهم ، وأشد منه فصبروا كما قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) [آل عمران : ١٤٦].
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار في رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه» وقد قال تعالى في سورة آل عمران : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران : ١٨٦].
ثمرة ذلك :
أن الصبر على القتل والتعذيب ، وعدم النطق بكلمة الكفر أفضل ، ويجوز النطق لقوله تعالى في سورة النحل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦] وقد تقدم ذكر ذلك ، وتقسيم الأمور المكره عليها.
قوله تعالى
(وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) [العنكبوت : ٦]
المعنى : من جاهد نفسه في منعها ما تأمره به ، أو جاهد الشيطان ، أو جاهد الكفار ، فنفع ذلك عائد إليه ، والله غني عنه ، وإنما كلفه رحمة منه لنفعه.
وثمرة ذلك : الحث على أنواع الجهاد المذكورة.