قال الحاكم : وهذا تأديب من الله تعالى لعله يريد أنه أمر إرشاد ورخصة.
قوله تعالى
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)
المعنى (إِلَيْهِ) ، أي : إلى موضع القبول ، والصعود عبارة عن القبول ، والرفع عبارة عن التعظيم ، عن أبي مسلم.
وكل ما اتصف بالكمال وصلح بالقبول وصف بالرفعة والصعود.
يقال : صعد أمر فلان وعلا كعبه ، وارتفع شأنه ، ولما كان الكلام عرضا لا يصح إضافة الفعل إليه حمل على المجاز ، فقيل : يصعد محل الكلم وهو ما كتب فيه.
وقيل : يصعد الملكان والكلم محفوظ.
وقوله تعالى : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) في ذلك ثلاثة أوجه :
الأول : أن المراد أن العمل الصالح يرفعه الله ، وهو على ما تقدم من رفع محله ، وأن المراد القبول.
والثاني : أن المراد أن العمل هو الرافع للكلم الطيب ؛ إذ لو كان كلاما من غير عمل صالح لم يعتد به ، وهذا مروي عن الحسن ، وأبي علي ، والخبر يفيد هذا المعنى ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا قول إلا بعمل ، ولا قول ولا عمل إلا بنية ، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» (١) وقد قرئ والعمل الصالح يرفعه بالنصب على أنه مفعول ، والرافع الكلم ، وفي هذا المعنى قول بعضهم :
__________________
(١) أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد وأبو طالب في أماليه والمرشد بالله في أماليه.