قوله تعالى :
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [ص : ٣٤ ، ٣٥]
اعلم أن هذه الآية الكريمة قد أفادت أن سليمان صلىاللهعليهوسلم أذنب ذنبا صغيرا واستغفر منه ، وأنه سأل ملكا لا يكون لغيره.
أما ذنبه فقد قال الحاكم قد روية روايات كثيرة وفيها اختلاف وفيها ما لا يجوز على الله تعالى ، ولا على أنبيائه ، والذي قاله علماؤنا وعلماء التفسير ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن سليمان عليهالسلام قال : أطوف الليلة على مائة امرأة فتلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله ولم يقل : إن شاء الله ، فطاف فلم تحبل إلا امرأة واحدة فولدت نصف غلام ، فجاءت به القابلة فألقته على كرسيه بين يديه ، ولو قال : إن شاء الله كان كما قال ، فكان هذا الابتلاء لترك الاستثناء لمشيئة الله ، والجسد هو نصف الغلام.
وقيل : ولد لسليمان ولد فخاف سليمان من الشيطان أن يقتله ؛ لأن الشياطين أرادوا الاحتيال في قتله ، وقالوا : نخاف أن يعذبنا كما عذبنا أبوه فأمر سليمان السحاب أن تحمله ، وأمر الريح تحمل له الغداء فمات الولد وألقي ميتا على كرسيه ، فكان ابتلاؤه لخوفه من الشيطان فهوى الجسد ، وهو مروي عن الشعبي.
وقيل : بل ولد له ولد ميت جسد بلا روح ، فألقي على كرسيه عن أبي علي.
وقيل : ابتلي بمرض شديد فصار جسدا لا حراك له مشرفا على الموت ، كما يقال : لحم على وضم (١) عن أبي مسلم ، والتقدير : فألقيناه على كرسيه فحذف الهاء.
__________________
(١) الوضم هو صرف الجرار تمت