قوله تعالى
(وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) [الجاثية : ٢٤]
كان الكفار يضيفون كل حادثه تحدث إلى الدهر ، ويزعمون أن مرور الأيام والليالي هي المؤثرة في هلاك الأنفس ، وينكرون قبض الأرواح من ملك الموت بإذن الله ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» أي فإن الله هو الآتي بالحوادث لا الدهر ،
ولهذه ثمرة وهي من أضاف الخير والشر إلى الأيام واعتقد أنها المؤثرة كفر ، فإن لم يعتقد أنها المؤثرة ، ولكن اعتقد أن الله تعالى أجرى العادة بأن يوم كذا نحس ، ويوم كذا سعد ، فقال المنصور بالله في المهذب : من فرق طعامه للجن ، وكره المسير في يوم دون يوم ، والجواز في طريق دون طريق لا يكون مشركا بالله تعالى ، إلا أن يعتقد تعظيم الجن ، وتعظيم اليوم والطريق ، وأن لها تأثيرا من قبل أنفسها في النفع والضر ، وما سوى ذلك جهالات لا تبلغ الشرك ، والتوبة تجزي من ذلك ، هذا لفظه.
فإن قيل : فقد جاء في الحديث : «آخر ربوع ثقيل على محمد وعلى أمة محمد» (١).
قوله تعالى
(إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [الجاثية : ٢٤]
دليل على وجوب الأخذ بالعلم دون الظن في مسائل التوحيد والعدل ، وقد كرر الله تعالى الذم على أخذ الكفار بالظن في مواضع كثيرة.
__________________
(١) يقال في الجواب عنه وعن ما أشبهه مثل (يوم الأربعاء يوم نحس مستمر) وما ورد (يوم الأربعاء ما بدأ فيه شيء إلا تم) أن قد قيل : إن جميعها أحاديث واهية ضعيفة وعلى فرض الصحة. يقال : ما معنى (ثقيل) فيحتاج إلى النظر (ح / ص).