حملنا قوله تعالى : (أَوْ يُسْلِمُونَ) على الدخول في الدين ، والإقرار به ، وإن حمل على الاستسلام والانقياد والمسالمة كان الدخول في الحرية مقبولا ومسقطا للقتال ، فإن حمل ذلك على أن المدعو إليهم أهل ردة فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل كما يفيده ظاهر الآية ، وإن حمل على أنهم كفار عرف لا كتاب لهم فذلك أيضا.
وأما كفار العجم وأهل الكتاب فتقبل منهم الجزية عندنا ، وأبي حنيفة.
وقال الشافعي : لا تقبل إلا من كتابي أو مجوسي ، لا ممن لا كتاب له عربيا أو عجميا ، وعند مالك تقبل من كل كافر وهو ظاهر قول الهادي ، لكن تأوله السادة وقد تقدم شرح ذلك عند ذكر قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) [التوبة : ٢٩].
وقراءة العامة (أو يسلمون) بالنون ، وفيه دلالة على حصول أحد الأمرين ، وفي قراءة أبيّ (أو يسلموا) بغير نون ، بمعنى إلى أن يسلمون.
ومن ثمراتها : سقوط الجهاد بالأعذار وعدم القدرة.
وعن ابن عباس : لما نزل قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ) قال أهل الزمانة كيف بنا يا رسول الله؟ فنزل : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) إلى آخرها.
وعن الحسن نزلت في ابن أم مكتوم.
قوله تعالى
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) [الفتح : ١٨]