قوله تعالى
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩]
هذه الشدة والرحمة سبقا للمدح والثناء ، فعلى المؤمنين في كل زمان أن يراعوا هذا التشدد والتعطف ، ويجب أن يكون ثم حال في الموالاة والمعاداة يميز به بين المؤمن والكافر.
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ : بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم ، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم ، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه وعانقه ، أما المصافحة فلم يختلف فيها الفقهاء ، وقد جاءت فيها أخبار كثيرة ، ومن حقها أن تكون بالترحم والتعطف ، فإن صافحه عند اللقاء وكان عند الافتراق يأخذ من عرضه كان ذلك فيه كذب وسخرية ، وكان ذلك كما قيل :
يبدون بينهم المودة والصفا |
|
وقلوبهم محشوة بعقارب |
وقول الآخر :
تدلي بودي إذا لاقيتني ملقا |
|
وإن أغب كنت أنت الهامز اللمزة |
والمعانقة جوزها أبو يوسف.
قال في الكافي : وهو قول عامة العلماء ، وكرهها أبو حنيفة ، وهذه الآيات نظيرة لقوله تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤] وقوله تعالى : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ٧٣] وقد استدل أهل المذهب بقوله تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) أن عتق الكافرة عن كفارة الظهار واليمين لا تجزي ؛ لأن ذلك خلاف الشدة ، وأبو حنيفة جوزها لأنه ينطلق عليها اسم الرقبة.