وقال أبو حنيفة : إن صامه بنية التطوع جاز ، وإن انكشف أنه من رمضان أجزأه ، وإن صامه بنية رمضان كره.
إن قيل : ما سبب هذا الخلاف؟
قلنا : من استحب صومه تعلق بثلاثة وجوه :
الأول : ما رواه أبو طالب عن ابن أبي شيبة ، عن أم سلمة ، أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصومه.
الثاني : أنه مروي عن علي عليهالسلام ، وفي الحديث عن علي عليهالسلام : (لأن أصوم يوما من شعبان أحب إليّ من أن أفطر يوما من رمضان).
الوجه الثالث : عموم الترغيب في الصوم ، نحو قوله صلّى الله عليه :
«يقول الله تعالى : الصوم لي وأنا أجزي به» ونحو ذلك.
ووجه رابع : وهو أن لليوم الواحد من رمضان من الفضل مزية على غيره ، فينبغي أن لا تفوت هذه الفضيلة ، وأن يحتاط لها ، ولأنه قد ثبت استحبابه في صورة وهي إذا صام جميع الشهر ، ووافق وردا له.
وأما من كره صومه فيتعلق بأمرين :
الأول : ما روي في سبب نزول هذه الآية.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت لمسروق حين امتنع من شرب عسل أمرت به له ، واعتل بأنه صائم : نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن صوم هذا اليوم ، وفيه نزل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ).
الأمر الثاني : ما ورد من الآثار في النهي عنه ، وذلك ما رواه في صحيح مسلم ، والترمذي ، والبخاري وسنن أبي داود ـ رضي الله عنه ـ ، عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تقدموا) وفي بعضها ، «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه».