الروم وفارس بين أذرعات وبصرى فغلب فارس الروم ، فبلغ الخبر مكة ، فشق على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى المسلمين ، وفرح المشركون وشمتوا ، وقالوا : أنتم والنصارى أهل كتاب ، ونحن وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ، ولنظهرن نحن عليكم ، فنزلت فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : لا يقر الله أعينكم ، فو الله لتظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين ، فقال له أبي بن خلف : كذبت يا أبا فضيل ، اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه ، والمناحبة : المراهنة ، فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما ، وجعل الأجل ثلاث سنين فأخبر أبو بكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال : «البضع ما بين الثلاث إلى التسع» فزايده في الخطر وماده في الأجل ، فجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين ، ومات أبي من جرح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية وذلك عند رأس سبع سنين.
وقيل : كان النصر يوم بدر للفريقين ، وأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبيّ وجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «تصدق به» : هذه رواية الكشاف. والذي في الحاكم ، وعين المعاني : أن المخاطرة كانت على ثلاث من الإبل ، وزاد في الأجل والخطر فكانت على عشر من الإبل إلى سبع سنين.
وقوله تعالى
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) [الروم : ٤ ، ٥]
أي : ويوم تغلب الروم على فارس يفرح المؤمنون بنصر الله ، وغلبت من له كتاب على من لا كتاب له ، وغيظ من شمت بهم من كفار مكة ، وصدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : اتفق ذلك مع نصر الله المسلمين على الكفار يوم بدر ،