قول إبراهيم (سَلامٌ) بالرفع ، وسلام الملائكة بالنصب ، والرفع أبلغ في المعني ؛ لأنه للدوام ، وأنه يجوز الاستخبار للضيف من هم؟ لأن قوله عليهالسلام : (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) ، المعنى فيه : أني لم أعرفكم ، فأخبروني من أنتم ، وقد جاء الأثر بذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنها : أنه ينبغي للمضيف أن يبادر إلى القرى خفية من الضيف ، لئلا يكفه ؛ لأن قوله : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) أي : ذهب إليهم في خفية من ضيوفه ، وقد عد هذا من أدب المضيف.
ذكر معنى ذلك جار الله ، وأنه ينبغي أن يتولى خدمة ضيفه ، وقد فسر قوله تعالى في النجم (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم : ٣٧] بخدمة ضيفانه ، ويكره استخدام الضيف ؛ لأنه ينافي الإكرام.
ومنها : استحباب التسمية عند الأكل ، والحمد بعده ، والتحريض للضيف على الأكل ؛ لأن قول إبراهيم عليهالسلام : (أَلا تَأْكُلُونَ) تحريضا لما امتنعوا من الأكل ، وقد روي أنهم أجابوه فقالوا : لا نأكله إلا بثمن ، فقال إبراهيم عليهالسلام : كلوا وأدوا ثمنه ، قالوا : وما ثمنه؟ فقال : تسمون الله إذا أكلتم ، وتحمدونه إذا فرغتم ، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : بهذا اتخذك الله خليلا.
قوله تعالى
(وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) [الذاريات : ٢٨ ، ٢٩]
قيل : المبشر به إسحاق صلّى الله عليه.
قال الزمخشري : وهو أكثر الأقاويل وهو الصحيح ؛ لأن هذه صفة سارة لا هاجر زوجة إبراهيم صلىاللهعليهوسلم.
وقال مجاهد : إنه إسماعيل.
وثمرتها : استحباب التبشير بالمسار الدينية.