وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يكون ذلك كناية في الطلاق بل يكون ظهارا ، وقد عكسه لو قال : أنت طالق ، ونوى بقلبه الظهار لم يكن ظهارا ، ذكره في المهذب ، وكذا ذكر الإمام يحيى ، قال : لأنها حقائق شرعية لمعان فلا تنصرف إلى غيرها بالنية ، كما في الألفاظ اللغوية نحو السماء والأرض.
وجه قولنا : إن الظهار والطلاق كل واحد منهما يحرم به إذا نوى ، فإذا استعمل أحدهما في معنى الآخر كان مجازا ، فيلزم من هذا إذا قال : أنت طالق ونوى الظهار ، كان ظهارا كما إذا قال : أنت حرام ونوى الطلاق ، كان يحتمل.
واعلم أنه يرد سؤال على مذهبنا فيقال : إن حديث أوس بن الصامت قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه مظاهر مع أنه قصد الطلاق ؛ لأن الظهار كان طلاقا في الجاهلية ، ذكر هذا الهادي عليهالسلام في الأحكام ، وكذا ذكره الحاكم ، أعني أنه كان طلاق الجاهلية.
الوجه الرابع : أن يريد بقوله : أنت عليّ كظهر أمي اليمين ، فقد قال في الأحكام إذا لم ينو ظهارا ولا طلاقا ، ونوى يمينا فقد قال غيرنا : إنه يكون مؤليا تجب عليه الكفارة ، ولسنا نرى ذلك ؛ لأن المؤلي لا بد له من كفارة فلا تجب إلا على من أقسم بالله ، فكلام الهادي هنا يدل أن لفظ الحرام لا كفارة فيه ، والقاسم عليهالسلام قد نص على وجوب الكفارة في الحرام ، ولأبي العباس قولان ، وقد قال أبو العباس في الشرح : إذا نوى اليمين جرى مجرى قوله : أنت عليّ حرام ، وقال في الشرح أيضا في تعليل المسألة فكأنه قال : هي محرمة عليّ كتحريم النظر إلى ظهر أمي ، وقد ذكر في مهذب الشافعي إذا حرم زوجته ولم يرد طلاقا ولا ظهارا ، فإن أراد تحريم العين ففي ذلك الكفارة ، وإن لم يكن له نية ففي الكفارة قولان ، وقد حكي عن أبي العباس في الروضة أنه إذا أراد تحريم العين في الصريح فلا شيء في ذلك.