وأما صفة الصوم فقد وصفه الله تعالى بالتتابع وبأن يكون قبل التماس ، فلو حصل تفريق لغير عذر استأنف وفاقا لدلالة الآية ، وإن فرق لعذر ميئوس من زواله ثم زال جاز له البناء وذلك وفاق ، فيخرج من مقتضى لزوم التتابع المذكور في الآية ، وإن كان لعذر يرجى زواله كالمرض المرجو ، فجوز أبو العباس وأبو طالب وقول للشافعي البناء قياسا على التفريق بالحيض في كفارة القتل ، فإن ذلك وفاق.
والذي صححه المؤيد بالله وهو ظاهر قول الأحكام ، وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي أنه يجب معه الاستئناف ، وإن فرق بالسفر فأبو العباس وأبو طالب قالا : يستأنف إلا أن يخشى مضرة ، وحصل المؤيد بالله قولين :
قال : ظاهر قول الأحكام يستأنف وظاهر قول المنتخب لا يستأنف ، وقد تقدم طرف من هذا في سورة النساء ، في كفارة القتل.
وأما خلوه عن المسيس فهذا كلام أهل المذهب أنه إذا جاء جامع امرأته المظاهر منها ليلا أو نهارا ، عامدا أو ناسيا قبل استكمال الشهرين فعليه الاستئناف ، هذا خرجه أبو العباس للهادي عليهالسلام ، وبه قال أبو حنيفة ومحمد ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، والنخعي ، والليث ، والحسن.
وقال أبو يوسف والشافعي : لا يضر إن جامعها بالليل ، وأما بالنهار ، فإن كان عامدا استأنف وإلا فلا ، ووجه كلامنا قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فأوجب تعالى تقديم الصيام على المسيس وخلوه عن المسيس ، فإذا فات التقديم لم يفت.
الأمر الثاني : وهو خلو الصيام عن المسس ويكون المساس منافيا لصحة الكفارة ، ويشبه بالحدث قبل الطهارة فإنه لا يبطل شيئا ، وإذا غسل بعض الأعضاء فأحدث بطل الغسل ، كذا يبطل ما تقدم من الصوم بالمسيس قبل كماله ، والإجماع على صحة الكفارة بعد المسيس لفوات