وقيل : نزلت في أهل بيت من الأنصار أهدوا رأس شاة مشويا إلى غيرهم وقالوا : هو أحوج منا ، فبعثه الثاني إلى الثالث ، والثالث إلى الرابع حتى دار على سبعة أنفس ، ورجع إلى الأول فنزلت.
وقيل : في سبعة عطشوا يوم أحد ، فجيء بماء لا يكفي إلا أحدهم فقال : ناول فلانا حتى طيف على سبعة ، وماتوا ولم يشربوا فأثنى الله عليهم.
وقيل : نزلت في أمر رحل جاء إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : أطعمني فإني جائع فبعث إلى أهله فلم يكن عندهم شيء ، فقال : «من يضيفه هذه الليلة»؟ فأضافه رجل من الأنصار فأتى به منزله ولم يكن عنده إلا قوت صبيانه فأتوا به إليه وكان قد أمر امرأته أن تنوّمهم ، وأن تطفي السراج إذا أحضر ، لينفرد الضيف بذلك الطعام ، وجعل هو وامرأته يلوكان نبتا ، فغدا إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «لقد عجب أهل السماء من فعلكما» وفي هذا دلالة على حسن الإيثار ، ونصرة لقول المؤيد بالله ، ولكن إنما يحسن الإيثار مع ثقته من نفسه بالصبر.
وفي عين المعاني عن أبي مرثد البسطامي قال : قال لي شاب من أهل بلخ : ما حد الزهد عندكم؟ قلت : إذا وجدنا أكلنا ، وإذا فقدنا صبرنا ، فقال : هكذا عند كلاب بلخ ، بل إذا فقدنا شكرنا ، وإذا وجدنا آثرنا.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) قيل : أراد الذين أسلموا من بعدهم في وقت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، عن الحسن وهو الذي تأول عمر الآية عليه : (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) دلت على أن الأدب في الدعاء أن يبدأ بنفسه ، وأن الاستغفار مشروع من غير وصية ، وقد تقدم ذلك.