قال الحاكم ـ رحمهالله ـ : وفي الآية دلالة على فضل الصحابة ، ووجوب موالاتهم ، والاقتداء بطرائقهم ، وأن البراءة منهم من أعظم الكبائر.
قوله تعالى
(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ) [الحشر : ١٦]
قيل : أراد جنس الشياطين ، وجنس الإنسان ؛ لأنه لا يزال يوسوس ، وقيل : أراد ما كان يوم بدر ؛ لأنه استغوى قريشا بكندة ، وقال : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) إلى قوله : (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ).
وقيل : عن ابن عباس وابن مسعود أراد ما كان من حديث برصيصا الراهب.
قال في عين المعاني : كان راهبا في بني إسرائيل عبد الله سبعين سنة فخيل له الشيطان بنت ملك زمانه ، وكانت من أجمل النساء ، قيل : إنها أصابتها علة فأمرهم الشيطان في صورة إنسان أن يتركوها عند برصيصا ليرقيها وقد علمه كلمة تشفى بها ، ففعلوا ، فلما رأى محاسنها واقعها ، ثم قتلها خيفة أن تخبر بذلك ، فأخبر به الشيطان قومها وقد كان جذب بطرف إزارها حين دفنها فاستدلوا به فقال له الشيطان : اسجد لي أنجك من القتل فسجد له وصلب ، وقال الشيطان : إني أخاف الله.
قيل : قال ذلك تصنعا ، قال الحاكم : القتل جائز ، والسجود جائز ، وتغيير الصورة وإزالة العقل لا تصح ؛ لأنه قد يروي هذا.
ولهذه القصة ثمرة وهي مطابقة ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من النهي عن الخلوة بالامرأة.