ثمرة هذه الآية : النهي عن موالاة الكفار ؛ لأنه تعالى نهى عن ذلك ، ومن ذلك إلقاء السر إليهم مما كان يحجب عنه ، ولأنه تعالى قال : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) يعني : في كونهم تبرءوا من الكفار ، وقد تكررت الآيات في النهي عن الموالاة في نيف وأربعين موضعا من كتاب الله تعالى ، وقد تقدم طرف من الكلام على ذلك في سورة آل عمران في قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ٢٨] والموالاة المنهي عنها هي الموادة والمحبة له لما هو عليه ، فيكون ذلك رضاء بالكفر والفسق ، فيصير الموالي على هذه الصفة كالفاعل ، ويطلق على المناصرة ، وتطلق على المحالفة ، والمنهي عنه أن يكون ذلك على ما لا يجوز ، وتطلق على المباطنة والمصاحبة ، فالأول والثاني والثالث لا يستثني منه شيء ، والرابع هو المباطنة والمخالطة لا تجوز إلا تقية لقوله تعالى في سورة آل عمران : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [آل عمران : ٢٨] ودلت الآية على تحريم التقرب إلى الكفار لمضارة المسلمين.
قال الحاكم : ولم يكن ما فعله حاطب كفرا ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينسبه إلى الكفر ، ولما ظن عمر أنه منافق وهم بقتله نهاه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك ، وهو يستخرج من الآية الكريمة أنه ينبغي قطع ما يؤدي إلى مداراة الكفار ونحوهم ، وأن لا يجعل المؤمن له سببا يداري أعداء الله ، وأنه لا يجوز الاستغفار للكفار ؛ لأن قوله تعالى : (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) المعنى : فلا تقتدوا به.
وقيل : إن أباه كان يري إبراهيم أنه يسلم ويعده إظهار الإسلام ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه. وقيل : وعده أن يستغفر له إن أسلم.