وقوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ) و (وَتُجاهِدُونَ) هو خبر في معنى الأمر ، والمعنى : آمنوا وجاهدوا ، ولهذا أجيب بقوله : و (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ويدل على هذا قراءة عبد الله بن مسعود : (آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا) ، وهذا معنى قول المبرد ، وما روي عن الفراء أنّ (ويَغْفِرْ لَكُمْ) جواب الاستفهام ، وهو (هَلْ أَدُلُّكُمْ) ، فيتأول على أن الإيمان والجهاد بيان للتجارة ، فكأنه قال تعالى : هل تؤمنون بالله وتجاهدون يغفر لكم ، والجهاد يعم الجهاد بالسيف وبالحجة مع أهل الحرب ، وبالحجة مع المبتدعة ، وجهاد النفس بالصبر عن المحرمات ، وعلى أداء الواجبات ، وقد ذكر ذلك المنصور بالله والمؤيد بالله ، وغيرهم ، واحتج المنصور بالله بهذه الآية ، وبقوله تعالى في سورة براءة : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) وبقوله : صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اجعل مالك دون دينك ، فإن جاوزك البلاء فاجعل مالك ، ودمك ، دون دينك».
وأما قوله تعالى : (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) فذلك منسوخ بقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) [التوبة : ١٠٣] والأخذ آكد من السؤال.
قال : وللإمام أن يلزم الرعية الضيافة على قدر ما يراه من المصلحة.
وأما قدر ما يخرج من المال فما دعت إليه الحاجة ، وعينه الإمام ، وقد قال المؤيد بالله : من كان له فضل مال يلزم إنفاقه في الجهاد ، ولكن قد ذكرت شروط للأخذ وهي : أن يوزع ما يحتاج إليه على قدر الأموال ، وأن لا يكون مع الإمام بيت مال ، ولا مستحق لبيت المال ، وأن يكون فاضلا عما يكفيه إلى وقت الدخل ، وهل لغير الإمام أن يأخذ.
وفي حواشي المهذب للمحتسب أن يجبر عند المنصور بالله ، وذكره الهادي في مسائل الطبري ، قال والمشهور من المذهب أنه لا يكره على أخذ الأموال إلى الإمام.
وهاهنا نكتة وهي أن الله سبحانه قد رغب في هذه الآية وحث على