وقيل : كانوا إذا خلوا بضعفة المسلمين طعنوا في الإسلام ، فإذا بلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءوا معتذرين يحلفون كاذبين عن الأصم.
وقيل : قال عبد الله بن أبي لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ، فلما بلغ ذلك رسول الله جحد وحلف.
ولهذه الآية ثمرات :
الأولى : أن لفظ الشهادة يمين ؛ لأنه تعالى قال بعد ذلك : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) فجعل الشهادة يمينا ، وهذا مذهبنا ، وأبي حنيفة ، وأصحابه ، ومالك ، لكن عندنا ومالك وزفر أن ذلك كناية ؛ لأنه يحتمل أنه أراد الشهادة بالله ، ويحتمل غيره.
وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ذلك صريح أخذا بظاهر الآية.
وقال الشافعي : ليس يمين ؛ لأنهم حلفوا بالله.
وقوله : (جُنَّةً) أي : واقية ، ومنه : سمي المجن ، قال الشاعر :
إذا أنت لم تجعل لعرضك جنة |
|
من المال سار الذم كل مسير |
الثانية : تعلق بقوله تعالى : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ).
قيل : أراد فيما أخبروا به عن أنفسهم أن قلوبهم على مطابقة ألسنتهم.
وقيل : أراد الكاذبون عند أنفسهم في الشهادة ؛ لأن الشهادة لم تكن عن اعتقاد صدق ، كما لو شهد لغيره بحق لا يعتقد صحته ، وكان صحيحا ، وقد استدل بعضهم أن من أخبر بخبر يعتقد أنه غير مطابق وكان مطابقا في نفس الأمر إنه يكون كذابا ، وأن من قال لعبيده : من بشرني بقدوم زيد فهو حر ، فبشره عبد معتقدا لكذب نفسه ، ثم اكتشف أنه مطابق أنه لا يعتق ؛ لأن كلامه كذب لكونه معتقدا كذب نفسه ، وإن كان مطابقا.
وهذا خلاف المذهب ، والمذهب أنه غير كذب فيعتق ؛ لأن الصدق ما طابق ، وإن اعتقد عدم المطابقة والكذب ما لم يطابق ، وإن اعتقد المطابقة ، وعندنا أنه لا واسطة بين الصدق والكذب.