وقال الجاحظ : الصدق شرطه المطابقة والاعتقاد ، والكذب شرطه عدم المطابقة والاعتقاد ، وما لم يحصل فيه مطابقة ، واعتقد صحته أو اعتقد عدم صحته وطابق فليس بصدق ، ولا كذب ،
واحتج بقوله تعالى : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) [سبأ : ٨] وبقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ما كذب ولكنه وهم.
الثالثة : أن المعرض عن إجابة الداعي إلى الله عاص ، وكذلك الصاد لغيره ؛ لأنه قوله تعالى : (فَصَدُّوا) يحتمل أنه لازم ، ويحتمل أنه متعد ؛ لأنهم كانوا ينفرون عن الإسلام ، وقيل : عن الجهاد.
قوله تعالى
(فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [المنافقين : ٣]
يعني : لا يفقهون لعدم التفكر والنظر ، وهذا يدل على وجوب النظر.
وقوله تعالى : (فَاحْذَرْهُمْ) يدل على عدم الثقة بهم ، ووجوب التحفظ من غدر العدو والخائن ، فلو استحفظ الوديعة خائنا كان متعديا ، وكذلك لا يعمل بخبره ، وقد يستخرج من هذا أن المنافقين يعاملون معاملة المسلمين في الموارثة والمناكحة ونحو ذلك ؛ لأن الرسول عليهالسلام عاملهم معاملة المسلمين ، وقد أخبره الله تعالى بنفاقهم ، وهذا قد ذكره علي خليل ، والسيد يحيى بن الحسين.
قوله تعالى
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [المنافقين : ٧ ، ٨]