فسقا وهو باب الاستخفاف كان العزم كالمعزوم عليه وإلا فلا ، وتفصيل هذه المسألة في كتب علماء الكلام.
ولقائل أن يقول : قد حصل منهم العزم على ترك الواجب ، والأمر بتركه ، والرضاء بالترك من الغير ، فعوقبوا على أمر زائد على العزم.
ومنها ما ذكر الحاكم أن الاستثناء بمشيئة الله تعالى إذا أخبر عن المستقبل واجب ؛ لأنه لا يأمن كونه كذبا.
قال الإمام يحيى بن حمزة : قد ذكر قوم وجوب الاستثناء ، والصحيح أنه غير واجب ، وأن الله تعالى عاقبهم على حرمان المساكين لا على ترك الاستثناء.
قوله تعالى
(فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) [ن : ٢٣ ، ٢٤]
المعنى : يتشاورون بهذا القول ، سمي ذلك مخافتة وإن سمع بعضهم بعضا ، وقد احتج المنصور بالله على أن أقل المخافتة أن تسمع من بجنبك.
وقال المؤيد بالله وغيره : إن ذلك جهرا ، وأجيب (١) المنصور بالله أن مخافتة الإنسان لنفسه أن يسمع نفسه ، ومخافتته لغيره أن يسمع غيره.
وأما إطلاق زيد بن علي عليهالسلام بقوله : ما خافت من أسمع أذنيه ، وقد استضعفه المؤيد بالله ، وقال : إنه مخافت ، وتأول على أن مراده خافت أبلغ المخافتة ، بل أبلغها أن تحرك لسانك ، وتثبت في الحروف ، وإن لم تسمع ، وهذا قد ذكره المؤيد بالله.
وأما النواوي فقال : ما لم يسمع به نفسه فليس بقراءة ، ولا يعتد به في سرية ولا جهرية ، ومخافتة أصحاب الجنة بقولهم : (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) [ن : ٢٤] ، وتخافتوا لئلا يسمعهم المساكين.
__________________
(١) هكذا في الأصل ولعله وأجاب وهو الأولى.