واختلفوا ما الناسخ؟ فقيل : نسخ ذلك بالصلوات الخمس عن ابن كيسان ، ومقاتل. وقيل : نسخ بقوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ) وقيل : نسخ بقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [الإسراء : ٧٨].
وعن الحسن ، وابن سيرين : لا بد من قيام الليل ولو قدر حلبة شاة.
قال في (الروضة والغدير) : والإجماع يحجهم.
وللمفسرين في قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أقوال :
فقيل : التقدير قم نصف الليل إلا قليلا ، فأبدل نصفا من الليل واستثنى القليل من النصف ، وقدم المستثنى على المستثنى منه ، وذلك شائع ، قال الشاعر :
وما لي إلا آل أحمد شيعة |
|
وما لي إلا مشعب الحق مشعب |
فأمر تعالى بقيام أقل من النصف ، ثم خيره تعالى بين هذا الذي هو أقل من النصف وبين الزيادة على النصف ، فلا يدخل النصف في القيام ، ولا يكون في ذلك بيان هل النصف قليل أو كثير.
وقيل : النصف بدل من (إِلَّا قَلِيلاً) ، فكأنه تعالى قال : قم نصف الليل ، ثم خير بين النقصان من هذا النصف وبين الزيادة عليه ، فجعله مخير بين ثلاثة أمور وهي النصف ، ودونه ، وفوقه ، وجعل النصف قليلا بالنظر إلى الكل [مجازا] ، والنصف للمساوي حقيقة ، وقد يطلق وإن زاد أو نقص ، قال الشاعر :
إذا مت كان الناس نصفان شامت |
|
وآخر مثن بالذي كنت أصنع |
وقيل : يجوز أن يكون الضمير إلى الأقل ، إذا أبدلت النصف من الليل ، فيكون الضمير في منه ، وعليه راجعا إلى الأقل ، فكأنه تعالى أمره أن يقوم أقل من النصف وهو الثلث مثلا ، ثم خيره بين النقصان من هذا الثلث أو الزيادة عليه ، فيكون مخيرا بين الثلاثة.