الثمرة الثانية : أنه إذا حصل الطلاق قبل المساس الذي هو الوطء ، ولم يدخل بها فلا عدة عليها ، وهذا جلي وهو إجماع.
وأما إذا دخل بها وجبت العدة أخذا من مفهوم الآية هذه ، ووجوبها صريح في قوله تعالى في سورة البقرة : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] فأما إذا خلا بها من غير مانع ، بأن تكون خلوة صحيحة فاختلف العلماء في ذلك ، فمذهبنا وأبي حنيفة والخفي من قول الشافعي : أن العدة تجب لعموم قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وأحد قولي الشافعي وهو المشهور : أنها لا تجب لهذه الآية ؛ لأن المسيس عنده عبارة عن الوطء ، وأخذ بظاهر الآية.
قلنا : هو عندنا عبارة عن القرب.
قالوا : فسر ابن عباس بأنه الوطء ، ولكن الله تعالى كنى عنه باللمس.
قلنا : بل هو عبارة عن القرب ، بدليل قوله تعالى : (أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) [طه : ٩٧] أي لا قرب.
وعن زرارة بن أبي أوفى قال : قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا وجب عليه المهر ، ووجبت به العدة ، فإغلاق الباب عبارة عن الخلوة.
فإن كانت الخلوة فاسدة لمانع الشرع كأن يكون أحدهما صائما فرضا ، أو محرما ، فقال أبو طالب ، والمنصور بالله ، وأبو حنيفة : تجب مع ذلك العدة ، وظاهر تعليل أهل المذهب أنها تجب ظاهرا وباطنا ؛ لأنهم عللوا أن التمكن كالاستيفاء.
وعن أبي جعفر : إذا وجبت في الخلوة فإنها إنما تجب في الظاهر ، وفي تعليل أهل المذهب ما يشير إلى هذا.