أجل مما يشترى من سوق الجلب وأطيب ، فكان يسمى ما سبي من دار الحرب سبي طيبة ، وما سبي ممن له ذمة سبى خبيثة ، ويدل قوله تعالى : (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) على حل ما سبي من دار الحرب ؛ لأن فيء الله لا يكون إلا طيبا ، كما أن رزقه لا يكون إلا حلالا ، وإنما تحل المسبية بعد الاستبراء لما ورد في سبايا أوطاس أن لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حابل حتى تستبرئ بحيضة ، والشهر في الآيسة لصغر أو كبر ، قد أقيم مقام الحيضة ، ولو سباها حائضا لم تعتد بتلك الحيضة عندنا ، والحنفية ؛ لأن ذلك بعض حيضة فلا تعتد به ، كما لا تعتد ببعض الحيضة في العدة.
وعن الناصر : تعتد في الاستبراء وقد ألحقوا ما يملك بغير السبي كالسبي في حكم الاستبراء.
وأما الاستمتاع في مدة الاستبراء فقال أبو العباس ، وأبو طالب يجوز في الآيسة لصغر أو كبر ؛ لأن الحمل منتف وهو إنما منع لتجويزه ، ولأن المنع لحق الله تعالى ، فأشبه ذلك الحائضة ، وعموم الآية جوازه ، ولكن خرجت الحامل بالإجماع.
وقال المؤيد بالله : والفقهاء لا يجوز الاستمتاع في مدة الاستبراء كالمعتدة ، يعني : من الطلاق البائن.
وعن ابن عمر ، والحسن : يجوز للمشتري تقبيلها قبل الاستبراء ، ولو أعتقها حال الاستبراء جاز زواجتها عندنا وأبي حنيفة ، لكن لا يطأ عندنا حتى يتم الاستبراء لعموم الخبر ، وجوزه أبو حنيفة ومنع الشافعي العقد.
القيد الثالث : قوله تعالى : (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) يفهم من التقييد بالهجرة أن من لم تهاجر معه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تحل ، وقد ذكر في ذلك وجهان :
الأول : أن الآية مسوقة لذكر الأفضل لا لبيان المحرم فيكون هذا حثا على الهجرة.