العادية أنها مستثناة من أصل ممنوع لأجل النص على جوازها مع أن القياس يقتضي منعها لأنها من بيع الثمر قبل بدء صلاحه ، فقيل : لهؤلاء أنتم خير من أولئك ، أعني أشد منهم قوة بحيث تقدرون على مدافعة العذاب النازل بكم ، وممانعته إن ثبتت في الصحف المنزلة برائتكم من النار وخلوصكم من العقوبات فأنتم مطمئنون من العذاب ، فلا يمنع القياس التمثيلي إلا أحد هذين الأمرين ، ولا شيء منهما بموجود عندكم .... (١) من أولئك ، وجوابه : أن خير يستلزم أشد دون عكس الثاني ، أن المضاف غير المضاف إليه ، وهو منه متحد ، لأن جميعهم كفار ، وجوابه : أن المخاطب وهو المضاف إليه الرؤساء والمضاف الأتباع ، أي لا أبايعكم أيها الكفرة خص من الأتباع السالفة الكفرة الذين نزل بهم العذاب.
قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ).
الذين حكوا في السير أنه إنما قال : ذلك أبو جهل لن يكون قاله جميعهم ، وخص أبو جهل بالذكر لشهرته أو لعظم قدرته عندهم ، أو ذكر أبو جهل لابتكاره لهذه المقالة ، وابتدائه بها وأخبر عن الجميع لإتباعهم إياه فيها ، فإن قلت : هلا قيل : جميعا منتصر فلم بني على الضمير ، فالجواب : من وجهين :
إما أنه لمجرد الربط مثل : هم يعرشون الليل كالمرة وأما ليفيد الاجتماع والانتصار ، ولو قيل : جميعا منتصر لأفاد الانتصار ، ولو في حالة التباعد والاقتران ، فإن قيل : نحن أفاد إتيانهم واجتماعهم حالة النصرة.
قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).
الزمخشري : هذا من موضع واحد ، موضع الجمع كبيت سيبويه :
كلوا في بعض بطنكم تعفوا |
|
فإن زمانكم زمن خميص |
ورد أبو حيان : فالبيت حسن ذلك فيها الفصل ، وهنا لا معطي فصل للنهي ، بل الرد عليه من ذلك أن ذلك إنما جعله سيبويه من القليل ، لأن إضافة الواحد إلى مزيج الجمع فيه قبح لفظي معنوي لاستحالة اشتراك المضاف إليه الذي هو مجموع في مصدره المضاف ، بخلاف الآية ليست فيها إضافة فانتفى فيها القبح اللفظي ، وبقي المعنوي ، فالمعنى مراد به الجمع كما قالوا في غير هذا إنه [...] ، والواحد بالنوع لا بالشخص ، كقول الحوفي : وأقل ميراث الابن سدسان ، ونصف سدس ، بوجه إفراد
__________________
(١) طمس في المخطوطة.