أعمدتها كما هي الكرة لذلك وكان بعضهم يقول : تضمنت الآية أمرين : اعتقادي عقلي ، وشرعي تكليفي ، قوله تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها) ، إيماء وإشارة إلى التذكير بالآيات السماوية الدالة على الوحدانية ، والإيمان بها.
قوله تعالى : (وَوَضَعَ).
راجع إلى التذكير إلى الأمور الشرعية التكليفية ، قال ابن عطية : قيل : هو الميزان حقيقة ، وقيل : المراد الأخص منه ، وهو الكيل إما بالميزان ، أو بالكيل ، وقيل : المراد الأعم ، وهو مطلق عدل.
قوله تعالى : (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ).
تاكيد المقام الوعظ والتكليف ، وتخسروا من خسر ، قال أبو حيان : وقرأ بجمهور بضم التاء من أخسر ، أي نقص ، وقرأ زيد بن علي بفتح التاء من خسر يعني أخسر كخبر واخبر ، وحكى ابن جني عن بلا فتح التاء والسين مضارع خسر بكسر السين ، وخرجها الزمخشري : على أن التقدير في الميزان محذوف الجار ونصب ، ورد بأنه قدح متعد بنفسه ، كقوله تعالى : (خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) ، فلا حاجة إلى تقدير حذف الجر.
قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ).
وقال ابن عطية : الفخار الطين الطيب إذا مسه ، فجرى أي زاد وعظم ، وقال الزمخشري : في الفخار الطين المطبوخ بالنار ، وهو الحرف ، قال ابن عرفة : تفسير الزمخشري أحسن وأما تفسير ابن عطية ، فيجيء فيه كتشبيه الشيء بنفسه ، أو يلزم عليه أن تكون الطينة التي خلق منها آدم عليهالسلام ليست طيبة الرائحة بل منتنة ، قال الفخر ابن الخطيب : إن كل إنسان مخلوق من التراب ، لأن أصله من النطفة ، والنطفة متكونة عن الغذاء ، والغذاء من النبات ، والنبات من التراب ، ورده ابن عرفة : بأن المراد أصل الخلق ، وهذه فروع عنه ، قال ابن عرفة : وسيقت الآية لبيان والاستدلال على وجود الصانع وقدرته ، وأن الإنسان يستحضر أول مرة ، وتكونه وانتقاله من عدم إلى وجود ، ومن جود إلى وجود.
قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
قال ابن عرفة : جمع الآلاء مع أنها نعمة واحدة ، وهي نعمة الإيجاد والإبراز من العدم ، قال : وأجيب بوجهين :