على الأصل ، وبدأ هنا بالأخص ووصفه بالضلال معرفا بالألف واللام التي للعهد مرادا به أخصه فهم عالمون مباهتون كافرون عنادا ، ضالون عن الحق لا عن دلائله وطرقه ، أجاب الفخر : بجوابين آخرين :
أحدهما : أن المراد هناك بالضلال إصرارهم عن الحنث العظيم ، وهو الشرك بالله تعالى ، والمراد بالتكذيب تكذيبهم الرسول في الحشر ، والبعث بقولهم (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [سورة المؤمنون : ٨٢] ، فجزاء على ترتيبه فيما قبلها جعل المتقدم متقدما ، وأما هنا فالمراد بها المكذبون بالحشر الضالون عن طريق الخلاص والنجاة ، ويرد بأن ذلك كذب لا تكذيب ، ويجاب : بأنه مستلزم للتكذيب.
الجواب الثاني : أن الخطاب في الأول للكفار ، أي (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ) [سورة الواقعة : ٥١] ، بالشرك المكذبون الرسالة ، والخطاب في هذه مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، أي وإما إن كان من الذين كذبوك فضلوا لسبب ذلك فقدم تكذيبهم تكرمه له حيث بين أقوى سبب في عقابهم ، ويدل على أن الخطاب له.
قوله تعالى : فيها (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ).
وهذا ينتج له بالعكس ، لأنه يكون ترقي في وصف الذم ، فهو أحسن من التدلي ، أو إنما الجواب : ما تقدم.
قوله تعالى : (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ).
فيه سؤال ، وهو أن النزل أول ما تقدم للضيف عند قدومه ، وقد أخبر عنهم أولا أنهم إما يشربون الحميم بعد أكلهم من شجرة الزقوم ، فهو ثان الأول ، وجوابه : إما بأنهم يشربون الحميم أولا ثم يأكلون الزقوم ، ثم يعادون شرب الحميم ، وإما بأن هذا [.....] ، فجعل أول متناولهم الحميم ، كما نجد بعض الناس يضطر على بعض الأشربة ، ثم يأكل الطعام بعد ذلك.
قوله تعالى : (حَقُّ الْيَقِينِ).
أبو حيان : هو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، فيجوز عند الكوفيين والبصريون يقدرون مضافا ، أي حق الخبر اليقين ، ابن عطية ، قيل : إنه من باب دار الآخرة ، ومسجد الجامع ، وقيل : مبالغة وتأكيد كقولك هذا يقين اليقين ، وصواب الصواب ، أي نهايته ، وهو أحسن لأن دار الآخرة يقدر فيها مضافا ، أي دار النشأة الآخرة أو الراجعة الآخرة ، وهذا لا يتجه هنا ، بل المعنى أن الخبر هو يقين اليقين ، وحقيقة ، انتهى ، تقرير الفرق بينهما أن الحق إما أعم من اليقين ، أو مساو له ، ولا يصح أن