قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
العزة الامتناع ، وهو قسمان : إما يكون الشيء قليلا في ذاته لا يمكن أن يكبر كثيرا ، أو إما بكونه لا يقدر أحد على الوصول إليه ، والتسبيح يقتضي اتصاف الله تعالى بصفات الكمال لا بعده عن النقائص ، فهو ممتنع عن النقائص مرتفع عن درجتها فناسب العزة ، ثم إن الصفات قسمان : ثبوتية وسلبية ، والصفات السلبية أسهل من الصفات الثبوتية ، ولأجل هذا لم يخالف أحد في السلبية ، واختلفوا في الثبوتية ، فأنكرها المعتزلة ، وأثبتها أهل السنة ، والحال أيضا اختلفوا فيها فمنهم من أنكرها ، ومنهم من أثبتها ، ومنهم من وقف فيها ، والتسبيح من الصفات السلبية ، فإذا عقبت معانه السلبية بالعزة ، وهو امتناعها من أن تعلم ويدرك كنهها مع سهولتها ، فأحرى الثبوتية المختلفة لها ، فإن قلت : المشاكلة بين المعطوفين ، فإن المعطوف عليه جملة فعلية ، والمعطوف جملة اسمية ، قلت : المشاكلة معنوية ولفظية ، فاللفظية الإعرابية ، وهي مفقودة هنا ، وأما المشاكلة المعنوية فموجودة ، وتقديرها أن التسبيح معلل بمضمون جملة (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، أي سبح لكونه ذا العزة والحكمة ، وهو دليل مدلول وبينهما تناسب في المعنى ، فلذلك حسن العطف دون المشاكلة اللفظية.
قوله تعالى : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ).
المراد بالملك إما المصدر ، أو المملوك.
قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ).
تقرر في المعقول أن الأولية على ثلاثة أقسام : إما بالزمان ، أو بالوجود ، أو بالذات ، فبالزمان كالأب مع الابن ، وبالوجود كالصانع بالنسبة إلى موضوعه ، وبالذات كحركة الإصبع والخاتم في زمان واحد ، إذ لو كان أحدهما قبل الآخر ، للزم عليه تداخل الأجسام ، وهو دخول الإصبع في جسم الخاتم ، فدل على أن أولية الإصبع على الخاتم [٧٤ / ٣٦٥] بالذات والأولية هنا في الآية إما بالذات ، أو بالموجود فقط.
قوله تعالى : (وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ).
الظاهر بما نصب من الأدلة الدالة على وجوده ، وكمال صفاته الباطن ، فلا يدرك أحد كنه صفاته ، ابن عطية : الباطن بلطفه وغوامض حكمته ، وباهر صفاته التي لا تدركها الأوهام ، الزمخشري : الباطن لكونه غير مدرك بالحواس ، ورد بها على أهل السنة الذين جوزوا رؤية الله تعالى في الدار الآخرة بحاسة البصر ، الطيبي : عن صاحب الانتصاف جوابه : أن هذه أدلة سمعية لا تنتج إلا الظن ، فما يصح الاستدلال بها في