ابن عطية : هذا من العام الباقي على عمومه ، انتهى ، قال شيخنا : وكانوا يحكون عن الفقيه أبي فارس الزروالي عن الإمام أبي عمرو بن الحاجب ، أنه قال : الأحسن يمتثل ذلك بآية يؤخذ منها حكم شرعي ، قال : ومثاله قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [سورة البقرة : ٢٢١] ، قال : وأخبرت به شيخنا أبا عبد الله محمد السبطي ، فقال : الآية مخصوصة بمسلم له اختار ابنة نصرانية ، فالمشهور أنه لا يزوجها من نصراني ، لقوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [سورة الأنفال : ٧٢] ، وقيل : إن له ذلك فعلى هذا القول تكون الآية مخصوصة بهذا ، قيل للسبطي : إنما معنى الآية ولا تنكحوا المشركات المسلمات ، فأجاب : بأنهم ذكروا في صورة التخصيص كونه بالبدل أو بالاستثناء ، أو بالصفة ، والمسلمات هنا صفة لأن تقريره ولا تنكحوا النساء المسلمات ، قيل : وهي أيضا مخصوصة بإنكاح المسلم ابنة الكتابية من مشرك ، على أن هذا قد اتفق عليه ، وكذا قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) [سورة النساء : ٢٢] ، بأن على عمومه إلا أن يقال : إنه مخصوص قوله من النساء ، فيجاب : بأن ذلك ليس استثناء بل هو من أصل اللفظ ، وكذا قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) [سورة الإسراء : ٣٢] ، عام ومثله بعضهم بقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) [سورة النور : ٢] ، ورد عليه بالمنكرة على الزنا ، لأنه لا يجلد ، قال شيخنا : ومثاله الحقيقي عندي قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) [سورة الأعراف : ١٨٦].
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ).
إسناد الفعل بطريق الخبر يتضمن الدعوى في أمرين :
أحدهما : مجرد إسناد كمن قام به ، والثاني : برهان كون هذا المسند إليه أهل للإسناد الحقيقي كقولك : صنع فلان قوسا يرى ، أو تقول : صنع فلان قوسا ، فالأول : يقتضي الإسناد ، والبرهان ، وهو كونه محكما في صنعته غاية بحيث لا يصدر عن غيره ، والثاني : ليس إلا مجرد الإسناد ، فهل الآية من الأول ، والثاني؟ فإن قال المجيب من الأول أخطأ ، وإن قال من الثاني أخطأ ، ولا بد من التفصيل ، فيقال : إن نظرنا إلى أول الآية فمن الثاني ، وإن نظرنا إلى آخرها ، لقوله تعالى : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ، فمن الأول ، وخص الستة.
قال القرافي : لأنها أول الأعداد التامة ، لأن لها نصف وثلث وسدس ، وذلك يساوي جملتها ، إذا جمعت تلك الأجزاء ، والعدد على ثلاثة أقسام تام الأجزاء كالستة ، وناقص الأجزاء فثمانية لأن ثمنها ونصفها وربعها سبعة ، وزائد الأجزاء كاثني