عشر نصفها وربعها وسدسها ، وحذف سدسها خمسة عشر حسبما ذكره العدديون ، وذكر القرافي في قواعده : والخلق في مقدار هذه الأيام لا فيها إذ لا أيام حينئذ ، ولا شمس ولا قمر ، وتحديد الخلق بهذا المقدار مع قدرته تعالى على أن يخلقها كلها في زمن واحد منهم وقف فيه ، وقال : لا يدرك حكمته إلا الله عزوجل ، وفيه تنبيه للإنسان على الثاني في أموره ، والاهتداء والطمأنينة ، كما ورد في الشرع ذم العجلة ، قال تعالى (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [سورة الأنبياء : ٣٧] ، وقال : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) [سورة الإسراء : ١١].
قوله تعالى : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ).
أي يولج الليل في زمن النهار ، أي أن الزمان الذي كان نهارا يصير بعضه ليلا ، والزمان الذي كان ليلا يصير بعضه نهارا ، وهذا إن قلنا : إن الأرض بسيطة ، فهو متحد في كل البلاد ، وإن قلنا : أنها كروية فهو بحسب الأقطار ، فإيلاج كل قطر بحسبه ، ونظير هذه الآية في سورة لقمان ، وسيأتي الكلام فيها ........ (١)
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ).
إما خطاب للمشركين أو للمؤمنين ، أي ما لكم لا تدوموا على إيمانكم ، ويحتمل أن يكون خطابا للمنافقين الذين آمنوا في الظاهر ، وكفروا في الباطن ، الفخر : فيها دليل المعتزلة على أن العبد له قدرة واختيار ، إذ لا يقال ذلك إلا لمن يتمكن من العقل كما لا يقال ما لك لا تطول ولا تقتصر نقله عن القاضي عن الجبار ، ويجاب : بأن ذلك إنما يقتضي أن للعبد في الفعل الكسب ، وهو العلم بما في الفعل من مصلحة ، أو مفسدة ، وهو مذهبنا وحقه أن يقول فيها رد على المجبرة القائلين : بأن الإنسان حركته كحركة العرضي ، الفخر : وفيها دليل على أن معرفة الله تعالى ، والإيمان به لا يحسان إلا بالسمع ، انتهى ، أما ما يرجع إلى ذات الله تعالى وصفاته فمستفاد من العقل ، وما يرجع إلى المعاد والدار الآخرة مستفاد من السمع.
قوله تعالى : (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ).
__________________
(١) وردت في الحاشية : قوله تعالى فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، قيل : ما أفاد المجرور وهو منكم ، أجيب بأن ذكره يتضمن إزالة وحشة عن المخاطب ، إذ كان سبق منه كثرة الرد والطعن في الإسلام فصرح به ليقضي شوق المخاطب فإن ما كان صدر منه مستعار له الإسلام ، وقد أثبتناها.