صحيح ، لأن الفصل أمر ذاتي للماهية ، مقدم لها والماهية لا تتقدم بالعدم ، بخلاف الخاصة ، فإنها يصح أن تكون عربية لأنها خارجة عن الماهية لا تتقدم بها ، فحقه إن كان يقول الفصل لا يكون عدميا ، لأن الماهية لا تتقدم بالعدم ، ولا نتعلل بالإثبات والنفي ، لأنه في الخاصة يفسر الإثبات بالنفي ، وهذا ليس من ذلك القبيل ؛ لأن ذلك في التصورات ، وهذا من الرسم لا من الحد ؛ لأن معرفات الفقه كلها رسوم بالجنس ، وخاصة [...] بحدود.
قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ).
العطف بالفاء دليل على أنها للترتيب ؛ لأن الكفارة إنما تجب بالعودة ، وإذا فعلت قبل العود ، وكانت نقلا يسد مسد الفرض ، وقال في كفارة القتل (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [سورة النساء : ٩٢] ، فهل يرد المطلق على المقيد أو لا؟ فيه خلاف في أصول الفقه في المطلق ، والمقيد إذا اختلفا في السبب واتحدا في الموجب ، هل يرد المطلق إلى المقيد أو لا؟ ، قالوا : والصحيح أنه لا يرد إليه ، لأن المطلق أعم فيتناول صورة المقيد ، وغيرها ، والأعم لا إشعار له بالأخص ، ومالك اشترط فيها الإيمان ، وحجته إما يرد المطلق للمقيد ، وإما بقاعدة الاحتياط في الخروج من العهدة.
قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).
فائدة إدخال من لتدل على ابتداء أزمنة الصلة ، فيكون الأمر بالكفارة على الفور ، أي بنفس الفرد تجب الكفارة ، ولذلك دخلت الفاء لتفيد أيضا التعقيب ، وفي الآية سؤالان :
الأول : لم قيل : (يَتَمَاسَّا) ، ولم يقل : يتماسوا كما قال : يظهرون؟ وجوابه : أن التماس صفة لا تعقل إلا من اثنين تماس وممسوس ، والظهار من فعل الرجال فقط ، وفعل الجماعة لا يدل على المناسبة بين اثنين ، وإنما يدل على وقوع ذلك عن كل واحد على حدته ، ولأن المظاهر منها يجب عليها أن تمنع زوجها من نفسها حتى يكفر ، والمماسة من فعلها معا بخلاف الظهار.
السؤال الثاني : قال ابن راشد في مقدماته في كتاب الطهارة في قوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) [سورة النساء : ٤٣] ، الملامسة لا تكون إلا عن قصد ، والمماسة أعم ، تكون عن قصد وغير قصد ، فيقال : تماس الحجران ، وكفارة الظهارة إنما تجب بالملامسة لا بالمماسة ، فهلا عبر باللفظ الأخص فهو أخص في بيان ما يقع به الوجوب ، لأنهم قالوا : إذا مسها ناسيا فلا كفارة عليه ، وجوابه من وجهين :