قوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ).
الزمخشري : إن بعض الصحابة قطع [...] ، وقال : تركت اللون لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وبعضهم قطع اللون غيظا للكفار ، قال : واستدلوا بها على جواز الاجتهاد بحضرة النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعلى أن كل مجتهد مصيب انتهى ، لا حجة فيها لأن ذلك إنما هو حيث الاجتهاد أن في شيء واحد على طرفي النقيض ، وهنا تعدد متعلق الاجتهاد واحد هما قطع الجيد ، والآخر قطع الرديء ، فمتعلق الاجتهادين مختلف ، ويحتمل أن يكون قطع الجميع جائز في نفس الأمر ، وإنما يقال : كل مجتهد مصيب أولا ، كما قال ابن التلمساني في الاجتهاد في القبلة : أنه يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر ، لأنها واحدة فأحدهما مخطىء وأبطله ابن العربي : بأن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، كان معهم والاجتهاد مع حضوره ، وأنه يدل على أنه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم مجتهد فيما ينزل عليه فيه وحي ، أخذا بعموم الإذائة للكفار ودخولا في الإذن الكلي بما يقضي عليهم ويهلكهم لقوله تعالى : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) ، فإن قلت : ما أفاد قوله على معقولها مع أن قائمة تغني عنه ، قلت : أفاد أنها باقية على حالها لم ينقص منها شيء أو قد تكون قائمة ناقصة.
قوله تعالى : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).
الزمخشري : أي يقطعها بإذن الله وأمره ، انتهى ، المراد بالإذن الإباحة ، وليس المراد به الوجوب ولا الندب ولا الإرادة ، أما الوجوب والندب فلأن الإذن هنا دائر بين أمرين متناقضين ، أما القطع أو الترك فترجيح فعل أحدهما يبطل فعل الآخر من أصل فرعه عن أرجحيته ، وأما الإرادة فلأن الآية نزلت ردا على اليهود ، واليهود موافقون على المعاصي موادة لله تعالى ، فيقولون هم : نعم أراد الله تعالى عصيانكم بذلك ، فعصيتموه بإذنه وإرادته فيتعين أن يراد بالإذن الإباحة ، وفي الكلام حذف أي لينصركم ويجزي الفاسقين.
قوله تعالى : (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ).
قدم الخيل لأنها أخص إذ لا خلاف أنها نسبتهم لها ، والخلاف في الإبل هل ثبتهم لها أولا على الأخص لا يستلزم نفي الأعم ، فمعناه لم توجفوا عليه بالخيل ، ثم قال : ولم توجفوا عليه بالركاب ، وهو من باب نفي الشيء لنفي موجبه ، أي لا حظ لكم في الفيء لأنكم لم توجفوا عليه بخيل ولا ركاب.