يتقدم عنه ولا يتأخر ، وأجلان في فهمنا نحن واعتقادنا يصح تقدمه على أحدهما وتأخره عنه ، فإن قلت : كيف يتقرر معنى الآية وهو من تحصيل الحاصل كأنه قيل إذا جاء ، فالجواب أن الضمير عائد على الشخص المؤخر إلى الأجل المسمى ، أي أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر صاحبه ، أو يكون المراد بمجيء الأجل مقاربة مجيئه ؛ لأن الأجل هنا المراد به إهلاكهم بالعذاب ؛ أي إذا صار إهلاكهم بالعذاب لا يؤخرون عنه كما جرى لقوم يونس لما رأوا العذاب آمنوا فكشف عنهم.
قوله تعالى : (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
جوابها مقدر أي لعبدتم الله وآمنتم واتقيتموه.
قوله تعالى : (لَيْلاً وَنَهاراً).
والمراد الدوام المادي لا العقلي ، قال ابن رشد : فيمن عطف أن لا يفارق دار الحاكم مع عزيمة ليلا ولا نهارا ، إنه إلا يلزمه المقام إلا وقت الحكم فقط ، والعقلي كقولك : الإنسان حيوان ليلا ونهارا ، فإن قلت : لم نكرهما مع أن التنكير أقل تقليل ، والتعريف أعم فائدة؟ ، فالجواب أن الألف واللام للعهد فقد يتوهم معهود هناك ، وأيضا فإن المعرف بالألف واللام لا تدخل عليه أداة العموم بخلاف المنكر ، فلا نقول : كل الإنسان حيوان وكل الرجل إنسان.
قوله تعالى : (فَلَمْ يَزِدْهُمْ).
عطفه بالفاء التي للتسبيب أي بسبب الدعاء ازدادوا فرارا ، فإن قلت : لما أبلغ في النهي إذ هي تنفي الماضي المتصل بالحال فلم يدل بها إلى لم ، فالجواب أن لم لنفي قد فعل ، وقل فيها معنى التوقع وهؤلاء لم يحصل لهم التوقع للخبر فقط ، فإن قلت : لم أكد هذه الجملة بأن مع موجب التأكيد شب في من الله تعالى ، والقائل : من أعلم الناس بالله ، فالجواب أنه جرى على عادة البشر في مخاطبات منكم لهم فإنهم يحترزون من أن يكون يحصر لهم من يتعرض لهم بشيء فيؤكدون كلامهم ، فإن قلت : يجاب بأنه لشدة خوفه من عدم الخروج من عهدة التبليغ ترك نفسه منزلة الشاك في حصول التبليغ ، قلت : هذا ينتج العكس ؛ لأن التأكيد ينافي الشك ويدل على التحقق.
قوله تعالى : (لِتَغْفِرَ لَهُمْ).
أوقع السبب موقع المسبب ؛ لأن الدعاء إنما هو للإيمان لا للمغفرة ، لكن الإيمان سبب في المغفرة.