مفهومه أن من لم يمت كافرا يجوز أن يغفر الله له ، بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء : ٤٨ ، ١١٦] أي ليس إرجاء من هذه الآية لأنه أثبت لهم المغفرة حقيقة.
قال ابن عطية : روي أنها نزلت بسبب عدي بن حاتم ، قال : يا رسول الله ، إن حاتما كانت له أفعال برّ فما حاله؟ فقال : هو في النار فبكى وولى ، فبدأ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : أبي وأبوك وأبو إبراهيم في النار" ، فنزلت هذه الآية في ذلك.
قال ابن عرفة : هذا لا ينبغي أن يكون نقله بحضرة العوام ، والأولى تركه والوقوف عنه وعدم السؤال عليه لأنه ليس بأمر اعتقادي ، ولا يمس الإنسان من تركه شيء على أن الحديث مذكور في المصنفات.
قوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ).
إما أن يكون انتقال من قصة إلى إنشاء حكم فلا يحتاج فيه إلى مناسبة ، وكان بعضهم يقرر وجه المناسبة : بأن عدم مغفرة لهم فيقتضي إبعاده لهم وإبقاءه لهم ، يؤذون بفشلهم وضعفهم وتكاسلهم عن اتباع التكليف ، فنهى المؤمنون عن الاتصاف بصفتها التي أوجبت لهم الطرد والإبعاد عن رحمة الله عزوجل.
قوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ).
هذا احتراز من أي أنتم الغالبون والله معينكم وناصركم عليهم ولو كنتم [٦٨ / ٣٣٣] أقل منهم.
قوله تعالى : (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ).
وهو مأخوذ من الوتر وهو الداخل.
ابن عرفة في صحاح الجوهري بالحاء والدال المهملتين ، قال : الداخل الحقد ، وفي مختصر العين بالدال المهملة : هو النار ، وبالدال المعجمة : هو البيت الصغير ، وفي صحيح مسلم في كتاب اللباس لا يبق في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت.
قال المازري : يلزم قصر النهي على الوتر خاصة ، وأجازه ابن القاسم بغير الوتر.
قال عبد الوهاب : يكره للمسافر الأجراس والأوتار لحديث لا يصحب الملائكة رفقة فيها جرس ، وأما الأوتار فقد تؤدي إلى الاختناق بها وعمل بعضهم النهي عن اتخاذ الأوتار الدخول.