قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ).
الأولى تغيير الرب بالخالق ؛ لأنه أعم فائدة ، فإن قلت : لم قدم المشرق على المغرب والصواب العكس؟ لأن العرب إنما يؤخرون ؛ فزمن الغروب متقدم على زمن الطلوع ، قلت : الآية خرجت مخرج التعظيم لقدرة الله تعالى في إبدائه هذا الخلق العظيم الذي هو جرى في الشمس فناسب البداية بالمشرق ، ورب مبتدأ ولا إله إلا هو خبره ، أو رب خبر مبتدأ مضمر أي هو رب ، ويترجح الأول بعدم الحذف ، وبأن الخبر محل الفائدة ، والكفار موافقون على أنه رب المشرق ، وإنما خالفوا في الوحدانية ، فإذا جعل (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) خبرا كان فيه زيادة فائدة ، ويترجح الثاني بأنهم قالوا بأن المبتدأ يحذف إذا كان الخبر لا يصلح إلا له ، والمشرق والمغرب إما اسم زمان أو اسم مكان أو اسم مصدر وهو الظاهر ؛ لأن رب لزمن شروق الشمس وغيره من الأزمان ، ورب لمكان طلوعها وغيره من الأمكنة ، وأيضا فزمن الشروق مختلف باختلاف البلاد ، وكذلك مكان شروقها فلا خصوصية فيه ، فلا يقال : رب سائر الأزمنة والأمكنة ، وإذا قلنا : المعنى رب الإشراق كان قائما في كل قطر وكل زمن.
الزمخشري : وقرئ رب مرفوعا على المد صح المدح ومجرورا على البدل من ربك ، وعن ابن عباس على القسم بإضمار حرف القسم ، كقولك : الله لأفعلن ، انتهى ، إن أراد أن ابن عباس لم ينقل عنه غير القراءة فقط فليس فيه دليل على أنه قسم ، أو لعله بدل من ربك أو من الضمير في إليه ، وإن أراد أنه قرأها وجمعها على القسم فهذا لم ينقل مثله عن ابن عباس ولا عن عمر ولا غيرهما من الصحابة ؛ لأنهم لم يكونوا يقرءون اصطلاح النحويين إذ النحو حادث بعدمهم ، وإنما كانوا يتكلمون بطبعهم ، ويحتمل أن يقال : أن ابن عباس فسر المعني ففهم عنه خلقا على القسم.
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
اختلفوا في دليل الوحدانية هل هو مستفاد من السمع وهو اختيار جماعة من المتأخرين ، أو من النقل وهو مذهب الأقدمين ، أو منهما معا وهو مذهب المحققين من المتأخرين ، وسبب الخلاف : هل الإيمان بالرسول متوقف على وجود الصانع فقط ، أو على وجود وحدانيته.
قوله (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) أخص من توكل عليه ، إن قلت : لم وصل هذا بما قبله بفاء العطف ، ووصله لا إله إلا هو بما قبله فلم يعطفه عليه وإلا نسب كان يكون العكس ؛ فإن الأوليين جملتان اسميتان والثانية فعلية ، والجملتان الاسميتان متفق على