جواز عطف أحدهما على الأخرى بخلاف عطف الفعلية الطلبية على الاسمية الخبرية ، فإن الأصح امتناعه ، فالجواب أن الجملتين الأولتين لما كانتا صفة لموصوف واحد أو خبرا عن موضوع واحد صارتا كالشيء الواحد فأتى بهما غير مفصولتين بحرف العطف ؛ لأنهما في مقام التوسط ؛ لأن كونه رب المشرق والمغرب ينتج أنه لا إله إلا هو ، وإلا لزم عليه وجود مقدور واحد بين قادرين ، ولما كان الموصوف باتحاد الوكيل هو النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فليس هو عين الموصوف بالربوبية والوحدانية ، صارت هذه الجملة فائدة للأوليين ، ففصلت عنها بحرف العطف وهي مسببة عنهما ؛ والمسبب غير السبب.
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ).
أمره بالصبر على القول دون الفعل ؛ لأن القول أكثر من الفعل ، ولتعلق إذايته بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وبالله تعالى إذ هو معنوي ، والفعل إذايته حسية لا تتعلق بالله تعالى ، والآية قيل : إنها منسوخة بآية السيف ، وقيل : تحكيه ، وقال ابن العربي : نسخ منها ما عدا المغلوب فإنه إذا لم يقدر على تغيير المنكر لا يجب عليه أن يغيره وهو يعلم أنه إن غير واقتحم بقتل كل تغيير يصبر على ذلك فهذا تخصيص لا نسخ ، ووصف الهجر بالجميل ولم يصف الصبر بذلك ؛ لأن الصبر كله جميل.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ).
فيها دليل لصحة أحد القولين في الكائن في السفينة المتحركة هل له حركتان أو حركة واحدة؟ ذلك الخلاف في ذلك العجز ، والآية تدل على القول الثاني : إذ لو كان رجف الأرض رجفا للجبال لكان عطف الجبال عليها تأكيدا ؛ لأن الرجف مستلزم للحركة.
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ).
لما تضمن الكلام السابق الوعيد لهم بتعذيبهم على كفرهم عقبة ببيان أن ذلك إنما كان بعد الإعذار إليهم برسول أرسل إليهم ، وأكد الجملة بأن لا الخطاب يتم المنكرين لرسالته والمقرين بهما.
قوله تعالى : (شاهِداً عَلَيْكُمْ).
شهادته لنا وعلينا ، أو كلها لنا ؛ لأنهم قالوا إن أمة يشهدون على الأمم ويزكيهم فهو شاهد لهم بالتزكية ، لكن إنما قال : عليكم بخروج الآية مخرج الوعيد والتخويف ،