بشدة الغور والقدح والضبح هديا كلها مشتغل بأمور الحرب والترتيب بالفاء موافقة لحالتها الوجودية فهي أولا تعدو ثم تقدح أواسط العدو ، ثم تصل إلى محل العدو فتغير عليه في الضبح ، وقال (ضَبْحاً ؛) لأن غزوة بني المصطلق كانت ضبحا وعلى غفلة العدو ، وانتهازا لفرصة فيه.
ابن عطية : لأنها [...] ليلة الغارة فتضبح العدو.
قوله تعالى : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً).
الفاء إما ظرفية والمعنى بذلك الوقت أو بالعدو أو بالمكان ، وإما سببية ، والمعنى فأثرن بالعدو والضبح نقعا أي غبارا.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ).
ابن عطية : الضمير هنا بلا شك عائد على الإنسان ، والخير المال ، ابن عرفة : ويحتمل أن يعود على الله تعالى والخير الطاعة ، كما ورد أن الله تعالى محب الطاعة ، قال : وإذا كان الضمير للإنسان كما قال الفراء ، فالمراد بها الكثرة ، أي وأمته لحب الخير لشديد حب الخير وهو من تكرار الظاهر بلفظه فأغنى عن الرابط ، كقوله تعالى : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) [سورة إبراهيم : ١٨] أي عاصف ريحه ، وأبطله ابن عرفة بأن ريحه الفاعل فيه مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب بإعرابه فاستتر فلم يحذف منه فاعل في الحقيقة ، بخلاف من فإن الشدة من صفة الحب فإضماره يؤدي الفاعل ، وهو توكيد قوله تعالى : (يَعْلَمُ) أي جهل فلا يعلم ، وأنكر عليهم عدم اعتقادهم ذلك علما ، فيتناول إنكار من يظن ذلك ، ومن يشك فيه ، وفي سورة المطففين (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) [سورة المطففين : ٤] وتحصر على عدم ظنهم ذلك في أحد تفسيري الزمخشري (١) وابن عطية ، قال : الظن هنا يعني العلم ، وحكاه الزمخشري قولا.
قوله تعالى : (بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ).
__________________
(١) هو : العلامة كبير المعتزلة ، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي صاحب الكشاف والمفصل. سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٥١ ، طبقات المحدثين ١ / ١٥٩ ، ميزان الاعتدال ٦ / ٣٨٣.