ابن عطية : كان سبب هذه الآية كذا وكذا ، ثم قال : وحيث جعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يده على يده ، وقال : " هذه عن عثمان وهو خير من يد عثمان".
قال ابن عرفة : أراد بذلك إزالة النقص المتقدم بحق عثمان من كونه لم يحضر ولم يبايع ، فمعناه أن بيعة النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم عنه خير من بيعته هو لنفسه مباشرة.
فإن قلت : وإنما بايعوا على الموت وعثمان قد شاع عندهم حينئذ موته ، فكيف يبايع النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم عنه على الموت وهو يعتقد أنه ميت؟
قلنا : قد يكون سبب البيعة أشد أسماعهم الخبر بموت عثمان ثم في أثناء الأمر ورد يحيونه.
قوله تعالى : (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها).
فيها حجة على المجبرة القائلين : بأن العبد لا قدرة له ولا كسب لأجل نفي القدرة عنهم في هذه ، فمفهومه ثبوت القدرة لهم على غيرها وإلا فلا فائدة لتخصيص هذه بنفي القدرة ، والمراد غنيمة أخرى أو نعمة أخرى.
ابن عرفة : أي غنيمة مغايرة [٦٨ / ٣٣٤] الأولى أو غنيمة مغايرة لها أو سابقة عنها في الزمان ، كقوله : [.....].
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ).
قال ابن عرفة : يؤخذ منه أن القدم الإضافي متعلق به القدرة ، وتقدم لنا مثله في قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [سورة فاطر : ٢] قيل له : حجة فيه ولاحتمال أن يرجع إلى الإرادة ، فقال : والإرادة مؤثرة لأن من شأنها الاختصاص.
قيل له : الأشهر عندهم أنها غير مؤثرة ، قال : وعادتهم يقولون : الآية خرجت مخرج الامتنان والنعمة في كف أيدي الكفار عن المسلمين ظاهرة ، وأما كف أيدينا عنهم ففيه عكس النعمة ، وأجيب : بأن المراد لازم ذلك وهو إسلامهم فبإسلامهم وانقيادهم حض كف أيدينا عنهم لا بالعجز عن قتالهم.