الوجوب والحرمة على التعيين تعبدياً كما أفاد الشيخ بل كانا توصليين أو كان أحدهما الغير المعين تعبدياً (ولكن المهم في المقام) وهو التخيير العقلي بين الفعل والترك مما يجري حتى فيما إذا كانا تعبديين أو كان أحدهما المعين تعبدياً فنتخير عقلا في الأول بين الإتيان بالشيء بنحو قربي وبين تركه كذلك وفي الثاني بين الإتيان بأحدهما المعين بنحو قربي وبين مجرد الموافقة في الآخر.
(نعم) يختص الحكم بالإباحة الشرعية بما إذا كانا توصليين أو كان أحدهما الغير المعين تعبدياً وإلّا لم يمكن الحكم بها وذلك لتصوير المخالفة القطعية فيما إذا كانا تعبديين أو كان أحدهما المعين تعبدياً ففي الأول يأتي بالفعل لا بنحو قربي أو يتركه كذلك وفي الثاني يأتي بأحدهما المعين لا بنحو قربي فتحصل المخالفة القطعية حينئذ بلا شبهة فتحرم.
(قوله ولا يذهب عليك أن استقلال العقل بالتخيير إنما هو فيما لا يحتمل الترجيح في أحدهما على التعيين ... إلخ)
(وحاصله) ان العقل انما يستقل بالتخيير فيما نحن فيه بين الفعل والترك إذا لم يحتمل الترجيح في أحدهما المعين وإلّا فلا يبعد استقلاله بتعين محتمل الرجحان دون غيره ومقصوده من الرجحان كما سيأتي التصريح به هو شدة الطلب أي الحاصلة من أقوائية المناط وأهمية الملاك.
(أقول)
ولا يخفى عليك ان احتمال الرجحان في أحد الطرفين إذا كان مرجحاً عقلا فالرجحان القطعي بطريق أولى (كما إذا علم) ان الشيء الفلاني الدائر أمره بين الوجوب والحرمة على تقدير وجوبه يكون ملاكه أقوى مما إذا كان حراماً أو بالعكس في قبال احتمال الأقوائية وقد تقدمت الإشارة في أواخر البراءة إلى أن كلا من أقوائية المناط واحتمالها مرجح عقلا في كل من المتزاحمين ودوران الأمر بين المحذورين غير انه عند احتمال الرجحان في أحد الجانبين يكون المورد من دوران الأمر بين التعيين