الأربعة المتقدمة المستفادة من مواضع متفرقة من كلماته الشريفة ان أدلة الأصول بنفسها قاصرة عن الشمول لأطراف العلم الإجمالي كلا وبعضاً فلا يشمل شيئاً منها أبداً لا من جهة لزوم محذور خارجي وهذا مما لا يخلو عن تناقض وتناف (وكيف كان) ملخص هذا الوجه الثاني من وجوه وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي هو معارضة الأصول فيها وأن أدلة الأصول قاصرة عن الشمول لها رأساً
(وفي قبال هذا الوجه الثاني) توهم شمول دليل الأصل لتمام أطراف العلم الإجمالي غايته انه يتعذر العمل به في الكل فيجب العمل به في البعض لأنه غاية المقدور كما هو الشأن في كل مورد من موارد التزاحم فالدليل يشمل جميع الافراد والتزاحم مما يلجئنا إلى التخيير العقلي بينهما (قال) الشيخ أعلى الله مقامه في تعارض الاستصحابين بعد ما ادعى ان دليل الاستصحاب لا يشمل شيئاً من أطراف العلم الإجمالي وذكر شقوقاً ثلاثة من التشقيقات الأربعة المتقدمة كما أشير آنفاً (ما لفظه) وربما يتوهم ان عموم دليل الاستصحاب هو نظير قوله أكرم العلماء وأنقذ كل غريق واعمل بكل خير في أنه إذا تعذر العمل بالعامّ في فردين متنافيين لم يجز طرح كليهما بل لا بد من العمل بالممكن وهو أحدهما تخييراً وطرح الآخر لأن هذا غاية المقدور (انتهى) (وفيه) ان المتوهم قد خلط بين تعارض الفردين وبين تزاحمهما ولم يتفطن ان دليل الأصل بالنسبة إلى طرفي العلم الإجمالي هو من قبيل الأول وان الأمثلة التي قد ذكرها آنفاً هي من قبيل الثاني وان الفردين هما متعارضان إذا كان التنافي بينهما في مقام الجعل والتشريع بان كان الدليل بنفسه قاصراً عن الشمول لكليهما كما في المقام على نحو يعلم إجمالا بخروج أحدهما عن تحت الدليل بلا كلام وأن تزاحم الفردين لا يكاد يكون إلّا إذا كان التنافي بينهما في مقام الامتثال بان كان المكلف هو الّذي قد عجز عن الجمع بينهما لا يقدر على الإتيان بكليهما جميعاً كما في إنقاذ الغريقين دفعة واحدة لا في مقام الجعل والتشريع كما هو شأن باب التعارض مطلقاً سواء كان بين الدليلين أو بين الفردين وهذا واضح ظاهر لا ينبغي الارتياب فيه أبداً.