الدليل على هجر الشيء دليلا على هجر ملاقيه أيضاً إلّا انه يكون من جهة أخرى وهي صيرورته بالملاقاة طرفاً للعلم الإجمالي كالملاقاة بالفتح فلا يبقى بينهما فرق أصلا (فأجاب عنه) بوجود الفرق بينهما وأن الأصل في الملاقاة بالفتح معارض بالأصل في عدله ويبقى الأصل في الملاقي بالكسر سالماً عن المعارض فإنه أصل مسببي تصل النوبة إليه بعد سقوط الأصل السببي بالمعارضة.
(أقول)
لو كان الاعتماد في وجه وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي على معارضة الأصول فقط لكان الأمر كما ذكره الشيخ أعلى الله مقامه فالأصل في الملاقى بالفتح يسقط بالمعارضة بالأصل في عدله ويبقى الأصل في الملاقي بالكسر سالماً عن المعارض فلا يجب الاجتناب عنه (لكن) على الوجهين الآخرين من كون العلم الإجمالي علة تامة للتنجيز أو كون التمسك بدليل الأصل في كل من أطراف العلم الإجمالي تمسكاً بالدليل في الشبهة المصداقية بالتقريب المتقدم في أوائل الاشتغال يجب الاجتناب عن الملاقي بالكسر جداً بعد صيرورته طرفاً للعلم الإجمالي بسبب الملاقاة فتأمل جيداً.
(ثم إن الشيخ) أعلى الله مقامه قد اعترف بوجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر في صورة واحدة وهي ما إذا لاقى شيء مع أحد الإناءين وخرج الملاقى بالفتح عن الابتلاء ثم حصل العلم الإجمالي فحينئذ يقوم الملاقي بالكسر مقام الملاقى بالفتح المفقود لعدم جريان الأصل في المفقود بعد ما خرج عن الابتلاء فيقع المعارضة حينئذ بين الأصل في الملاقي بالكسر والأصل في عدل الملاقى بالفتح (ثم قال) فمحصل ما ذكرنا أن العبرة في حكم الملاقي يعني بالكسر بكون أصالة الطهارة سليمة أو معارضة (انتهى).
(أقول)
وظاهر ذلك انه لا عبرة في وجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر وعدمه بكون