أخي ووصيّي وخليفتي ، والإمام من بعدي ، الذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وهو وليّكم بعد الله ورسوله ، وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليّ بذلك آية من كتابه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(١).
وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عزوجل في كلّ حال.
وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم ، أيها الناس ، لعلمي بقلّة المتقين وكثرة المنافقين وادغال (٢) الآثمين وختل (٣) المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم ، وكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سمّوني اذنا (٤) ، وزعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه ، حتّى أنزل الله عزوجل في ذلك قرآنا : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ) ـ على الذين يزعمون أنه أذن ـ (خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) الآية.
ولو شئت أن أسمّي بأسمائهم لسمّيت ، وأن أوميء إليهم بأعيانهم لأومأت ، وأن أدلّ عليهم لدللت ، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت ، وكلّ ذلك لا يرضي الله منّي إلّا أن أبلغ ما أنزل إليّ ، ثم تلا صلىاللهعليهوآلهوسلم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
__________________
(١) المائدة ٥ : ٥٥.
(٢) الدّغل ، بالتحريك : الفساد ، يقال : أدغل في الأمر : أدخل فيه ما يفسده ويخالفه. «لسان العرب ـ دغل ـ ١١ : ٢٤٤».
(٣) الختل : تخادع عن غفلة ، ختله ختلا : خدعه عن غفلة. «لسان العرب ـ ختل ـ ١١ : ١٩٩».
(٤) الأذن : الجارحة وشبّه به من حيث الحلقة .. ويستعار لمن كثر إستماعه وقبوله لما يسمع. «المفردات : ١٤».