(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) (النمل : ٣٨ ـ ٣٩).
بل ويضمن له آخر من حواشيه أن يحضر العرش المذكور في أقل من طرفة عين إذ قال : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) (النمل ـ ٤٠).
ولم يتبيّن ـ إلى الآن ـ ما المراد من هذا العلم الذي كان يحمله قائل هذا القول : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (١).
وسواء أكان المراد من ذلك هو العلم بخواص الأشياء الغريبة وكيفية معالجتها وإحضارها من مكان بعيد في أقل من طرفة عين ، أم كان المراد منه غيره.
وعلى أيّ تقدير فليس هذا العلم من سنخ العلوم الفكرية التي تقبل الاكتساب وتنال بالتعلّم ، وهذا يكفي في عدّ عمله خارقاً للنواميس العادية والسنن الطبيعية المكشوفة الرائجة.
وربما يحتمل أنّه إذا كان عمله مستنداً إلى عمله بغرائب خواص الأشياء المستورة على الناس لا يخرج عن كونه عملاً طبيعياً ، وإن كان يعد غريباً ولعلّه كان له علم بغرائب الخواص.
يلاحظ عليه بأنّه ـ مع أنّه احتمال غير مدعم بدليل ـ لا يخرج عمل العامل عن كونه قرين المعجزات وعديل الكرامات التي لا يقدر عليها إلّا أولياء الله سبحانه.
وقد احتمل بعض في باب المعجزات أن يكون عمل الآتي بها ، مستنداً إلى
__________________
(١). ذكر المفسّرون هناك أقوالاً واحتمالات ، فراجع الميزان : ١٥ / ٣٦٣.