وكثرة دخولهم واعتناقهم هذا الدين ، ويجد أنّ النبي والمسلمين كانوا يقبلون إسلامهم ، ويكتفون منهم بذكر الشهادتين دون أن يعمدوا إلى تذويب ما كانوا عليه من عادات اجتماعية ، وصوغهم في قوالب جديدة تختلف عن القوالب والعادات والتقاليد السابقة تماماً.
وقد كان احترام العظماء ـ أحياءً وأمواتاً ـ وإحياء ذكرياتهم والحضور عند القبور ، وإظهار العلاقة والتعلّق بها من الأُمور الرائجة بينهم.
واليوم نجد الشعوب المختلفة ـ الشرقية والغربية ـ تعظّم وتخلّد ذكريات عظمائها ، وتزور قبور أبنائها ، وتتردد على مدافنهم ، وتسكب في عزائهم الدموع والعبرات ... وتعتبر كل هذا الصنيع نوعاً من الاحترام النابع من العاطفة والمشاعر الداخلية الغريزية.
وصفوة القول أنّنا لا نجد مورداً عمد فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قبول إسلام الوافدين والداخلين فيه بعد أن يشرط عليهم أن ينبذوا تقاليدهم الاجتماعية هذه ... وبعد أن يفحص عقائدهم ، بل نجده صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتفي من المعتنقين الجدد للإسلام بذكر الشهادتين ورفض الأوثان.
وإذا كانت هذه العادات والتقاليد شركاً لزم أن لا يقبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إسلام تلك الجماعات والأفراد إلّا بعد أن يأخذ منهم الاعتراف بنبذ تلكم التقاليد والمراسم.
والحاصل أنّ ترك التوسّل بالأولياء والتبرّك بآثارهم وزيارة قبورهم لو كان شرطاً لتحقّق الإيمان المقابل للشرك والصائن للدم والمال لوجب على نبيّ الإسلام اشتراط ذلك كلّه (أي ترك هذه الأُمور) عند وفود القبائل على الإسلام ، وللزم التصريح به على صهوات المنابر وعلى رءوس الأشهاد مرة بعد أُخرى. ولو صرّح بذلك لما خفي على المسلمين ، إذن فكل ذلك يدل على عدم اشتراط ترك هذه