واحد وهو : عدم الاستعانة بغير الله ، وأنّ الاستعانة بالعوامل الأُخرى يجب أن تكون بنحو لا يتنافى مع حصر الاستعانة بالله بل تكون بحيث تعدّ استعانة بالله لا استعانة بغيره.
وبتعبير آخر : إنّ الآيات تريد أن تقول : بأنّ المعين والناصر الوحيد والذي يستمد منه كل معين وناصر ، قدرته وتأثيره ، ليس إلّا الله سبحانه ، ولكنّه ـ مع ذلك ـ قيم هذا الكون على سلسلة من الأسباب والعلل التي تعمل بقدرته وأمره ، وعلى استمداد الفرع من الأصل ، ولذلك تكون الاستعانة بها كالاستعانة بالله ، ذلك لأنّ الاستعانة بالفرع استعانة بالأصل.
وإليك فيما يلي إشارة إلى بعض الآيات من الصنفين :
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران ـ ١٢٦)
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الحمد ـ ٤)
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال ـ ١٠)
هذه الآيات نماذج من الصنف الأوّل وإليك فيما يأتي نماذج من الصنف الآخر الذي يدعونا إلى الاستعانة بغير الله من العوامل والأسباب :
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة ـ ٤٥)
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) (المائدة ـ ٢)
(ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) (الكهف ـ ٩٥)
(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال ـ ٧٢)
ومفتاح حلّ التعارض بين هذين الصنفين من الآيات هو ما ذكرناه وملخّصه :
إنّ في الكون مؤثراً تامّاً ، ومستقلًّا واحداً غير معتمد على غيره لا في وجوده