ولا في فعله وهو الله سبحانه.
وأمّا العوامل الأُخر فجميعها مفتقرة ـ في وجودها وفعلها ـ إليه وهي تؤدي ما تؤدي بإذنه ومشيئته وقدرته ، ولو لم تعط تلك العوامل ما أعطيت من القدرة ولم تجر مشيئته على الاستمداد منها لما كانت لها أية قدرة على شيء.
فالمعين الحقيقي في كلّ المراحل ـ على هذا النحو تماماً ـ هو الله فلا تصحُّ الاستعانة بأحد باعتباره معيناً مستقلاً. لهذه الجهة حصرت مثل هذه الاستعانة بالله وحده ، ولكن هذا لا يمنع بتاتاً من الاستعانة بغير الله باعتباره غير مستقل (أي باعتباره معيناً بالاعتماد على القدرة الإلهية) ، ومعلوم أنّ استعانة ـ كهذه ـ لا تنافي حصر الاستعانة بالله سبحانه لسببين :
أوّلاً : لأنّ الاستعانة المخصوصة بالله هي غير الاستعانة بالعوامل الأُخرى ، فالاستعانة المخصوصة بالله هي : ما تكون باعتقاد أنّه قادر على إعانتنا بالذات ، وبدون الاعتماد على غيرها ، في حين أنّ الاستعانة بغير الله سبحانه إنّما هي على نحو آخر ، أي مع الاعتقاد بأنّ المستعان قادر على الإعانة مستنداً على القدرة الإلهية ، لا بالذات ، وبنحو الاستقلال ، فاذا كانت الاستعانة ـ على النحو الأوّل ـ خاصة بالله تعالى فإنّ ذلك لا يدل على أنّ الاستعانة بصورتها الثانية مخصوصة به أيضاً.
ثانياً : إنّ استعانة ـ كهذه ـ غير منفكّة عن الاستعانة بالله ، بل هي عين الاستعانة به تعالى ، وليس في نظر الموحّد (الذي يرى أنّ الكون كلّه من فعل الله ومستند إليه) مناص من هذا.
وممّا سبق يتبيّن لك أيّها القارئ الكريم ما في كلام ابن تيمية من الإشكال إذ يقول :
«أمّا من أقرّ بما ثبت بالكتاب والسنّة والإجماع من شفاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم والتوسّل به