أكثر ما يجد الإنسان عدّة معاني متباينة ومتمايزة للفظة واحدة حتى أنّه ليتصور ـ في أوّل وهلة ـ أنّ الواضع العربي جعل هذه اللفظة على عشرة معان في عشرة أوضاع ؛ ولكن بعد التحقيق والدراسة يتبيّن أنّه ليس لهذه اللفظة سوى معنى واحد لا غير وأمّا بقية المعاني المذكورة فهي من شعب المعنى الأصلي.
ومن الصدف أنّ لفظة رب تعاني من هذا المصير حتى أنّ كاتباً كالمودودي تصوّر أنّ لهذه اللفظة خمسة معان ـ في الأصل ـ وذكر لكل معنى من المعاني الخمسة شواهد من القرآن الكريم.
ولا شك في أنّ لفظة رب استعملت في الكتاب العزيز واللغة في الموارد التالية التي لا تكون إلّا صورة موسعة ومصاديق متعدّدة لمعنى واحد لا أكثر.
وإليك هذه الموارد والمصاديق :
١ ـ التربية ، مثل رب الولد ، رباه.
٢ ـ الإصلاح والرعاية مثل رب الضيعة.
٣ ـ الحكومة والسياسة مثل فلان قد رب قومه أي ساسهم وجعلهم ينقادون له.
٤ ـ المالك كما جاء في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أربّ غنم أم ربّ إبل.
٥ ـ الصاحب مثل قوله : رب الدار أو كما يقول القرآن الكريم :
(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) (قريش ـ ٣).
لا ريب أنّ هذه اللفظة قد استعملت في هذه الموارد ومايشابهها ولكن جميعها يرجع إلى معنى واحد أصيل ، وما هذه المعاني سوى مصاديق وصور مختلفة لذلك المعنى الأصيل ، وسوى تطبيقات متنوعة لذلك المفهوم الحقيقي الواحد ؛ أعني : من فوّض إليه أمر الشيء المربى من حيث الإصلاح والتدبير والتربية.